ضمن فعاليات مهرجان دبي لمسرح الشباب في دورته العاشرة، والذي تقيمه هيئة دبي للثقافة والفنون «10 سنوات من الإبداع» أبهرت فرقة مسرح رأس الخيمة الوطني المشاهدين بعرضها المسرحي «الظمأ» من تأليف فيصل الدرمكي وإخراج عبدالله الحريبي وبطولة مجموعة من الفنانين الشباب، معلنة ولادة مبدعين جدد وقفوا على المسرح للمرة الأولى، كما منح مخرج العرض الكثير من المبدعين الإماراتيين الشباب في الأعمال المساندة فرص المشاركة للمرة الأولى منها «الإضاءة، الأداء الصوتي، تنفيذ الموسيقى، وتصميم الملابس والرقصات»، ليخرج العمل إماراتياً شبابياً بالدرجة الأولى.
ناقش العرض المسرحي إشكالية السلطة والتغير الطارئ على الأشخاص في حال تحقق لهم الهدف الذي يخططون له.
احتوى العرض على الكثير من الإسقاطات في الواقع الحالي، واستعان المخرج بعدد من الرقصات التي أسهمت في إيضاح الفكرة، فجسد المشهد الأول مجموعة من الرجال وسط الصحراء مكبلين بالسلاسل تنتابهم حالة من الخوف والرعب والقلق والعطش، ويتعرضون لرياح عاتية، لينحسر المشهد على اثنين منهما مبتعثين من القرية الظامئ أهلها للحصول على ماء عذب يروي عطشهم ويبعث الأمل في نفوسهم بعد فقده الأليم الذي أضر بهم، وينتهي بدعاء وصلاة استسقاء مصحوبة بموسيقى، كأنها أقحمت على المشهد من غير داع.
يظهر البطلان «محمود القطان» و«جاسم» في مشهد ثان يعانيان شدة الريح والعطش ويصارعان الموت ويدفع الثاني الأول إلى عدم اليأس والقنوط الذي تملكه، حيث يلتقيان برجل مر بالتجربة نفسها، ويرفض مساعدتهما، ظنا منه أن المصير نفسه سيلاقيانه، وهو الاختلاف والفرقة والتيه في الصحراء، ونسيان الهدف والتخلي عنه في حال الوصول إلى الماء الذي يرمز إلى الغنى والجاه، بجانب حجته في أنه لا يساعد الضعفاء، فالمحتاج، في نظره، لا قوة له، وكأنه يقرأ الواقع الذي رفضه «القطان» وكاد يقتله لولا منعة رجاله، ليكملا السير في الصحراء بحثاً عن الماء.شابت العرض أخطاء لغوية، وإقحام بعض المشاهد والحركات العبثية الضاحكة وسط الجدية التي التزم بها العرض، وعدم تناغم الأداء الراقص لمجموعة الجوقة غير المدربة تدريباً كافياً، والمكونة من 6 أفراد.
انفرجت أسارير البطلين في المشهد الثالث، فجثم «القطان» على بئر الماء يغرف منه ويروي عطشه وأصوات السلاسل تموج من حوله، وقد دب الاختلاف وانتزعت الفرقة أمل العودة مع جاسم إلى القرية العطشى وإحياء الأمل وعودة الحياة، حين أعلن القطان ميلاداً جديداً لنفسه بجوار البئر، مدعيا لنفسه «الملك» وساخراً من صديقه «جاسم» المصر على العودة بحجة القسوة التي وجدها آنفا من أهل القرية، ويجعلها مندوحة للخروج على العهد والإخلال بالوعد، فيتخيل نفسه ملك الصحراء ومالك البئر، وحين يطالب جاسم بحقه في البئر، للعودة به إلى أهل القرية، ويحاول انتزاع الدلو يقتله القطان غير آسف ولا نادم، ثم يصارع رجالاً هاجموه بقوة، ليجد نفسه محاطاً بسلاسل، وقد رحل غير مأسوف عليه من أحد.
تغير الحال حين تتحقق السلطة.
تميز العمل بثيمات عامة، منها «أصوات السلاسل المستمرة من البداية للنهاية، والملابس المتشابهة للبطلين، وظلام المسرح والاعتماد على النور الذي يمثل سراباً يجسد حلم الحصول على الماء»، وتميز الديكور بالبساطة.