Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

الكتاب يعمّر أكثر من الحجارة

$
0
0
يكتبها: يوسف أبو لوز

زيارة دور النشر والمؤسسات المصرية في أجنحتها المشاركة في المعرض تقول لنا: إن الدولة المصرية تدعم الكتاب، وتوفره للقارئ بأسعار شبه رمزية، وأكثر من ذلك تقوم الأجنحة المصرية، مثلها مثل الكثير من دور النشر بعمل حسومات على سعر العرض، وقال مسؤول البيع في الهيئة العامّة لقصور الثقافة «إن الجانب الربحي غير موجود، ولذلك فالتوزيع والمبيعات عالية وملحوظة في الجناح».
نأخذ نموذج الحالة المصرية إن جازت العبارة، لأن لها الكثير من الدور والأجنحة المشابهة.. نعم هناك كتاب سعره مرتفع جيد الطباعة، ولكن، بالمقابل هناك كتاب معقول السعر أو منخفض إلى درجة رمزية، والقارئ في هذا السياق يستحضر تجربة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، الذي يصدر سلسلة عالم المعرفة، وتطبع السلسلة من العنوان الواحد أكثر من 40 ألف نسخة.
مشاهدات اليوم، تتصل بأسعار الكتب والحسومات التي تجريها بعض الأجنحة على سعر العرض، وعلى المستوى الإماراتي، تطرح الكثير من دور النشر المحلية إصداراتها بتيسير مادي بعيداً عن الربحية، وتتمثل هذه النقطة تحديداً في الخفض السعري تجاه طلبة المدارس، أضف إلى ذلك أن بعض الجهات والدور والمؤسسات الإماراتية المشاركة في المعرض هي جهات نشر متخصصة في كتاب بعينه، أو موضوعات بعينها.

(1)

صدر عن أكاديمية العلوم الشرطية في الشارقة حتى الآن، وبحسب لائحة ورقية حصلت عليها من الجناح 67 عنواناً تدخل في إطار الكتب المتخصصة.. ومن بين هذه العناوين: «حق المتهم في الاستعانة بمترجم» ومؤلفه: جاسم العنتلي، وكتاب «الضرورة الحتمية الدولية» ومؤلفه: محمد رضوان، و«الثقافة المكتبية» لمؤلفه: محمد الطوخي، و«الإطار الفكري لتحسين جودة التعليم» ومؤلفه: أكرم المشهداني، و.. «..التعاون الأوروبي» لمؤلفه: محمد سامي الشوا.
إن الهدف من إيراد أسماء هذه الكتب التي صدرت عن أكاديمية العلوم الشرطية في الشارقة هو الإشارة إلى القارئ أن جهة نشر متخصصة مثل الأكاديمية تُعنى بثقافة مجتمعية عامة في القانون، والعلوم، والتربية، والقيادة والعلاج، وعلم النفس، والجودة، ومكافحة الجريمة.
هناك جهات نشر إماراتية عديدة، توفر كتاباً بالمجان، أو بسعر رمزي للقارئ، والقارىء ليس نسخة واحدة، ففي حقيقة القراءة العملية، ونحن في عام القراءة في الإمارات، أن هناك أكثر من مستوى للقارئ نفسه:.. من حق القارئ أن يتوجه إلى أجنحة الاقتصاد، من حقه أن يتوجه إلى أجنحة القانون، ومن حقه أن يتوجه إلى أجنحة الطبخ، والزيّ والترفيه والموسيقى والغناء.. هذه هي جملة خبرية واسعة وحميمية نشاهدها، يومياً في معرض الشارقة الدولي للكتاب.

(2)

أضيف، فقرة ثانية فيما يمكن أن ترى في المعرض، وتسمع، وتتكلم.. وخير الكلام ما يتصل بالكتب، وليكن ذلك في العودة إلى الكلاسيكيات القصصية الصينية..«لوشيون» على سبيل المثال في جناح الهيئة المصرية العامة للكتاب، ولقد قرأ هذا الكاتب الصيني بالعربية أي بالنقل إلى العربية عبر لغات وسيطة كالإنجليزية قبل أكثر من عشرين عاماً، وفي الخليج الثقافي ثمة كتابة عنه في أواخر الثمانينات أو أول التسعينات عن قصة رغيف خبز مصنوع من الدم إن أسعفت الذاكرة، لكن، اسم الكتاب لا يُنسى، واسمه الحقيقي (جوو شو رن) مولود في الخامس والعشرين من سبتمبر عام 1881 جنوب شرقي الصين كما يخبرنا مترجما كتابه «يوميات مجنون» أحمد السعيد، وحسنين فهمي حسين.
إلى جانب سور الصين العظيم كجدار وحجارة، يعرف العالم أن هناك سوراً آخر قصصياً:.. «شياو هونغ»، وهي كاتبة قصة كانت معتلة الصحة، و«ليو تشن» التي تبدأ إحدى قصصها بالقول: «.. كم كنت ساذجة وأنا في ربيعي الثالث عشر..» وفي آخر هذه العبارة تضع علامة تعجب.
من سور الصين القصصي العظيم:- «مو شِنْ»، «آي وو»، «.. مال تشين هو».. كتب صدرت في أوائل ثمانينات القرن العشرين (1987).. عن دار نشر اتخذت لها سلسلة بعنوان «سلسلة كتب العنقاء».. وكانت كتباً أقرب إلى كتب الجيب من القطع الصغير أو المتوسط بطباعة على ورق «كدشي» مائل إلى اللون البنّي وله رائحة شجر عتيق.

(3)

بمعنى ما يتجول «لوشيون» الكاتب القصصي الصيني بيننا في هذه الأيام العائلية بعينيه الضيقتين وشاربيه الأقرب إلى شاربي مزارع، وعلى الغلاف يظهر بثياب سود، وبيده قلم وأمامه ورق.. ويكتب وهو شاب في بكين بتاريخ يناير 1922: «حين كنت شاباً، كانت لي كما الآخرين أحلام كثيرة، أتى النسيان على كثير منها، ولستُ آسفاً على شيء من ذلك..».

(4)

كلاسيكيات الرواية، والشعر، والقصة القصيرة، والمسرح، وحتى النقد الأدبي (.. من يتذكر الآن عز الدين إسماعيل ) الذي أخذ بيدنا الطرية في سبعينات وستينات القرن الماضي إلى معنى قراءة الشعر، وما هو الشعر بروح أدبية أبوية مفقودة تماماً اليوم...
هذه الكلاسيكيات الشرق أوسطية والآسيوية والعربية والغربية «تتأنسن» وترتفع مثل قامات البشر في أجنحة معرض الشارقة الدولي للكتاب.
من خيرات المعرض كتاب حوارات مع «رؤوس» كبيرة في الرواية العالمية.. من بينهم «آرنست همنغواي»، وقال في أحد حواراته إن لديه كتباً في طول رجل، ويقال إن همنغواي كان طويل القامة.
طول القامة فكرياً ومعنوياً وأخلاقياً وجمالياً ليس جسداً آدمياً فقط، بل، هو أيضاً.. ذلك الكتاب الذي يعمّر أكثر من صرح من الحجارة.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>