Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18131

مؤلف فاشل

$
0
0
علاء الدين محمود

يبدو أن رونان ماكدونالد في نعيه للناقد، كأنما كان يحمل رداً على أطروحة الناقد الأكاديمي رولان بارت، الذي أعلن موت المؤلف، كأنها غضبة على تلك الأطروحة ليعلن بدلاً عن ذلك علاقة جديدة بين المؤلفين والمبدعين، تصبح بموجبها علاقة بين مبدعين، وتستبعد الناقد من هذه المعادلة، فهو شخص لم يفلح في أن يصبح مؤلفاً في الأجناس الإبداعية المختلفة، وربما يكون هذا هو التعريف الأدق للفشل، وهو عدم المقدرة على تحقيق المبتغى، حتى وإن تحقق لهذا المسعى نجاح في مجال آخر، خاصة إذا كان مجالاً مجاوراً، وهذا موجود بكثرة، وربما نلمح دوراً إيجابياً لحدٍّ ما هنا، عندما يتحول إلى طاقة إيجابية كبيرة تدفع المرء إلى تحرير إمكاناته في مجال آخر.
فالناقد يظن أن هذه المعارف الأكاديمية التي تحصل تغني عن عملية الخلق الإبداعي، وتجعله يجلس في منصة سلطة زائفة، تجعل منه شخصاً يمتلك قوة يوجهها بصلف كبير نحو المبدعين الحقيقيين، من أجل تبخيس أعمالهم وتسفيهها، فهو فزاعة يخشاها المبدعون، يستخدم تلك السلطة لتدميرهم بجرة قلم واحدة، فهو عند كثير من المشتغلين في هذا الحقل، والمهتمين بالكتابة الإبداعية، يوظف تلك السلطة غير الديمقراطية، من أجل خلق رأي ضد كاتب ما، أو فنان ما، في حين أنه لا يمتلك الموهبة التي يتحلى بها ذلك المبدع، هو لا ينتج النصوص ولكنه يجعل من نفسه رقيباً يصدر الأحكام.
إن اختفاء الناقد لن يكون نهائياً بطبيعة الحال، فما الذي يجب أن يحدث؟، أي أثر سنحصيه ونحن نحمل رفاته نحو مثواه الأخير؟، ربما سيذهب البعض إلى أن القارئ هو من سيتولى هذه المهمة، هذا ربما صحيح جداً، خاصة أن زمن الانفجار المعرفي الكبير قد أعد قراء على مستوى عالٍ من المعرفة والأدوات، لكن ألا يحمل هذا التفكير ضمنياً ضرورة السلطة؟ ألا يشير بطريقة أو أخرى إلى أننا لم نتخلص بعد من التفكير دون وجود رقيب ما، أو سلطة ما، وأنه لا بد من وجود سلطة على الدوام؟ هذه المسألة تبدو معقدة جداً، وربما لن يكون لها إجابة إلا بقدر ما يرمي به المستقبل؛ إذ إن تفكيرنا ما زال مرتهناً لوجود سلطة ورقيب، ففي اللحظة التي نعلن فيها عدم حاجتنا إلى ناقد أكاديمي، فإننا نختلق رقيباً جديداً على النص، سلطة موازية لسلطة النص، إننا بذلك نجعل الكاتب والذي هو أساسي في هذه العملية، تحت رحمة رقيب منتظر، يمضي ليحل مكانه آخر، فالوصاية ستنتقل إلى شخص جديد، بمهام ربما جديدة، لكنها تشمل الوصاية والرقابة، أو ما يطلق عليها ماكدونالد، «سلطة الجماهير»، التي هي كلمة فضفاضة جداً، وربما لا تعني شيئاً على الإطلاق، فلا توجد ذائقة واحدة، ولكن تُوجد جماهير متعددة، تقبل على نص هو الآخر متعدد.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18131

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>