الشارقة: محمد ولد محمد سالم
تحمل مسرحية «تشابك» للكاتب فهد رده الحارثي التي أخرجها أحمد محمد الأحمري لفرقة مسرح الوطن السعودية التي عرضت في الليلة الثالثة من ليالي مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، بعداً رمزياً واضحاً في الدلالة على حالة عربية أو إسلامية راهنة يسودها الصراع الثنائي بين إخوة تجمعهم حضارة واحدة ومبادئ واحدة ومصير واحد، وهم مجبرون بسبب ذلك أن يعيشوا معا، وأن يشتركوا في كل شيء، لا خيار لهم في ذلك، لكنهم رغم ذلك يتصارعون ويقتل بعضهم بعضا، ويأخذ صراعهم عدة أشكال، منها الطائفي والمذهبي والعرقي والجغرافي، إنها مأساة درامية عميقة، فكيف عالجتها المسرحية؟
جاء العرض على شكل «ديودراما» بين الممثلَين عبد الرحمن المزيعل وسامي الزهراني، وقدم مجموعة من اللوحات، جمعت بين الجد والهزل، وفي اللوحة الأولى نكون أمام رجلين، قد جهز كل منهما حقيبته للسفر، وكل منهما كان يراقب الآخر خلسة ليعرف ما يقوم به، ويكتشف كل منهما الآخر، فيتواجهان مباشرة، ويبدو كل منهما حريصاً على حقيبته من أن تمتد إليها يد زميله، فيكتشف ما بداخلها، ومع ذلك يلهمهما ذلك الحرص الشديد، أن يلعبا لعبة المتهم والمحقق، لكنهما يختلفان طويلا، فكل منهما يريد أن يكون هو المحقّق، وكل منهما خائف من دور المتهم، لأن لديه ما يخفيه ويخاف أن يكتشف.
يتحول المشهد لنجد أنفسنا أمام متهم في قفص الاتهام ومحقّق يسأله، فيطلب المتهم محامياً يدافع عنه، وقاضياً عادلاً، وشهوداً عدولاً، ثم يمتنع عن مواصلة تمثيل الدور، فيتنازعان من جديد، ويحدث إظلام وانفجارات ودخان، ونشاهدهما تحت الإضاءة الخافتة منهكين كمن خرج من أتون حرب.
ثم يتحول المشهد إلى صيادَين في زورق، يغنيان ويجدفان، ثم يجلسان في قهوة، ويلوم الأول منهما على قسوته وتجهمه، ويلوم الثاني على ضعفه، وعدم قدرته على المواجهة، وبعد لوحة غنائية، ونزهة في سيارة، يمثلان مقدمي نشرة أخبار، يقدم أولهما أخبارا عن الحب واللقاءات الرومانسية، لكن الآخر يعترض عليه، ويوقفه، ليبدأ هو في قراءة نشرة أخبار من التفجير والقتل، فيوقفه الأول، ويغنيان أغنية عاطفية، ثم يختلفان، وفي لوحة نهائية يبوح كل منهما بما يربطه بالثاني، وبما يختلف عنه به، ويعترفان بأنهما كالجسد الواحد الذي لا ينفصل، لكنّ كلاً منهما يرفض أن يتنازل للآخر، ويرفض أن يخطو خطوة في اتجاه الآخر.
تشكل المسرحية محاولة جيدة لتمثيل ذلك المأزق الدرامي للإخوة الأعداء، الذين تدفعهم الديماغوجية إلى صراع لا ينتهي، ومأساة لا حل لها، لكنها عانت من عدة مشكلات بنيوية، أولاها أنها كتبت بأسلوب تجريدي تجريبي مونودرامي، يصلح لشخصية واحدة أكثر مما يصلح لشخصيتين، وهذا ما جعل مساحات البوح فيها والتي تناوبت عليها الشخصيتان، كثيرة، رغم قصر العرض الذي لم يتجاوز 40 دقيقة، فكان وجود شخصيتين عبئاً على العرض، ويدل على ذلك كون الصراع بينهما كان شكليا، ولحظات الصراع الحقيقية تجسدت في لحظات البوح، عندما تتحدث كل شخصية منفردة عن معاناتها أو معانات«نا» (بضمير الاثنين)، صحيح أن وجودهما معا كان مفيدا في اللوحات التي قدمت مشاهد فكاهية تفاعل معها الجمهور، لكن، حتى تلك المشاهد كانت زائدة، ولم تساهم في تطوير الطرح الدرامي.
المشكلة الأخيرة وهي اضطراب نسق الترميز في العرض، فمثل هذا النوع من العروض القائم على مسرح الحالة، يفترض أن يقدم في كل لوحة من لوحات لا تترابط درامياً، لكنها تترابط نسقياً ودلالياً، حيث تقدم كل لوحة عناصر من الأحداث ذات دلالة رمزية تؤيد اللوحات الأخرى، وتتناسق معها، لتأكيد المعنى والدلالة الكلية المرادة، وفي «تشابك» لن نعرف كيف نؤول بعض تلك المشاهد في سياق مقولة «الإخوة الأعداء».
تحمل مسرحية «تشابك» للكاتب فهد رده الحارثي التي أخرجها أحمد محمد الأحمري لفرقة مسرح الوطن السعودية التي عرضت في الليلة الثالثة من ليالي مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، بعداً رمزياً واضحاً في الدلالة على حالة عربية أو إسلامية راهنة يسودها الصراع الثنائي بين إخوة تجمعهم حضارة واحدة ومبادئ واحدة ومصير واحد، وهم مجبرون بسبب ذلك أن يعيشوا معا، وأن يشتركوا في كل شيء، لا خيار لهم في ذلك، لكنهم رغم ذلك يتصارعون ويقتل بعضهم بعضا، ويأخذ صراعهم عدة أشكال، منها الطائفي والمذهبي والعرقي والجغرافي، إنها مأساة درامية عميقة، فكيف عالجتها المسرحية؟
جاء العرض على شكل «ديودراما» بين الممثلَين عبد الرحمن المزيعل وسامي الزهراني، وقدم مجموعة من اللوحات، جمعت بين الجد والهزل، وفي اللوحة الأولى نكون أمام رجلين، قد جهز كل منهما حقيبته للسفر، وكل منهما كان يراقب الآخر خلسة ليعرف ما يقوم به، ويكتشف كل منهما الآخر، فيتواجهان مباشرة، ويبدو كل منهما حريصاً على حقيبته من أن تمتد إليها يد زميله، فيكتشف ما بداخلها، ومع ذلك يلهمهما ذلك الحرص الشديد، أن يلعبا لعبة المتهم والمحقق، لكنهما يختلفان طويلا، فكل منهما يريد أن يكون هو المحقّق، وكل منهما خائف من دور المتهم، لأن لديه ما يخفيه ويخاف أن يكتشف.
يتحول المشهد لنجد أنفسنا أمام متهم في قفص الاتهام ومحقّق يسأله، فيطلب المتهم محامياً يدافع عنه، وقاضياً عادلاً، وشهوداً عدولاً، ثم يمتنع عن مواصلة تمثيل الدور، فيتنازعان من جديد، ويحدث إظلام وانفجارات ودخان، ونشاهدهما تحت الإضاءة الخافتة منهكين كمن خرج من أتون حرب.
ثم يتحول المشهد إلى صيادَين في زورق، يغنيان ويجدفان، ثم يجلسان في قهوة، ويلوم الأول منهما على قسوته وتجهمه، ويلوم الثاني على ضعفه، وعدم قدرته على المواجهة، وبعد لوحة غنائية، ونزهة في سيارة، يمثلان مقدمي نشرة أخبار، يقدم أولهما أخبارا عن الحب واللقاءات الرومانسية، لكن الآخر يعترض عليه، ويوقفه، ليبدأ هو في قراءة نشرة أخبار من التفجير والقتل، فيوقفه الأول، ويغنيان أغنية عاطفية، ثم يختلفان، وفي لوحة نهائية يبوح كل منهما بما يربطه بالثاني، وبما يختلف عنه به، ويعترفان بأنهما كالجسد الواحد الذي لا ينفصل، لكنّ كلاً منهما يرفض أن يتنازل للآخر، ويرفض أن يخطو خطوة في اتجاه الآخر.
تشكل المسرحية محاولة جيدة لتمثيل ذلك المأزق الدرامي للإخوة الأعداء، الذين تدفعهم الديماغوجية إلى صراع لا ينتهي، ومأساة لا حل لها، لكنها عانت من عدة مشكلات بنيوية، أولاها أنها كتبت بأسلوب تجريدي تجريبي مونودرامي، يصلح لشخصية واحدة أكثر مما يصلح لشخصيتين، وهذا ما جعل مساحات البوح فيها والتي تناوبت عليها الشخصيتان، كثيرة، رغم قصر العرض الذي لم يتجاوز 40 دقيقة، فكان وجود شخصيتين عبئاً على العرض، ويدل على ذلك كون الصراع بينهما كان شكليا، ولحظات الصراع الحقيقية تجسدت في لحظات البوح، عندما تتحدث كل شخصية منفردة عن معاناتها أو معانات«نا» (بضمير الاثنين)، صحيح أن وجودهما معا كان مفيدا في اللوحات التي قدمت مشاهد فكاهية تفاعل معها الجمهور، لكن، حتى تلك المشاهد كانت زائدة، ولم تساهم في تطوير الطرح الدرامي.
المشكلة الأخيرة وهي اضطراب نسق الترميز في العرض، فمثل هذا النوع من العروض القائم على مسرح الحالة، يفترض أن يقدم في كل لوحة من لوحات لا تترابط درامياً، لكنها تترابط نسقياً ودلالياً، حيث تقدم كل لوحة عناصر من الأحداث ذات دلالة رمزية تؤيد اللوحات الأخرى، وتتناسق معها، لتأكيد المعنى والدلالة الكلية المرادة، وفي «تشابك» لن نعرف كيف نؤول بعض تلك المشاهد في سياق مقولة «الإخوة الأعداء».