بينالي الفكر والإبداع

أوجد بينالي الشارقة منذ انطلاقته في العام 1993، وحتى النسخة الثالثة عشرة منه، التي بدأت فعالياتها أمس الأول وتستمر على مدى عام كامل ثقافة بصرية تشكيلية مرئية في الإمارات وفي الأفق الفني الإقليمي والعربي والعالمي بخبرات وتجارب فنية محلية وعربية عالمية، ولم يتوقف البينالي عند شكل أو نمط إبداعي محدد أو محدود، بل سجل تاريخه الفني نقلات نوعية تتصل بالتشكيل وثقافته الرفيعة.
في السنوات الأولى للبينالي، كانت اللوحة الجدارية أو ما تسمى المسندية هي الحيز الأكثر حضوراً في هذه التظاهرة الجمالية الكبرى، ومنذ البداية كانت الاختيارات أو اختيارات العرض مبنية على ثقافة فنية عالية للعناصر التي تقرر الأعمال المشاركة في البينالي، وذلك من خلال تجربة تشكيلية إماراتية قوامها عدد من الفنانين الشباب، غير أن البينالي انتقل بعد ذلك، وتحديداً في العام 2003 على يد الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون إلى طبيعة فنية ثقافية فكرية إبداعية، وكان لا يزال للشيخة حور الفضل في نقل البينالي إلى مفاهيم فنية عالمية قوامها الفكر ضمن ثيمات وعناوين ومقيمين تدرك الشيخة حور قيمة الفعل الفني الثقافي الذي يرتكز على هذه العناصر باقتراحات واجتهادات تعود إلى ثقافتها وإحاطتها بالتجربة التشكيلية العالمية، وهكذا، عرف البنيالي تجارب فنية مفاهيمية، حيث اختلفت طرق وأماكن العرض، وتوسع المدى الزمني والمكاني للبينالي، وشهد عناوين مختلفة ذات دلالات فكرية.
فالدورة السابقة من البينالي على سبيل المثال، جاءت تحت عنوان «الانتماء»، والدورة التي تلتها بعنوان «الماضي، الحاضر، الممكن» وهذه الدورة الثالثة عشرة تحت عنوان «تماوج» ولكي نفهم جيداً معنى أو تعريف «تماوج» نعود إلى ما قالته قيمة البينالي كريستين طعمة، وكما يقولون أعط الخبز لخبازه، وأهل الفن أدرى بشعابه ومصطلحاته، فهي تقول.. «..الموج تقلب في الشكل». وأضافت أن حراك الموج مداً وجزراً هو تعاقب سرمدي بين التقدم والتأخر، لا يمضي قدماً، وإنما يسري في فلك دائري، ومع ذلك، هو يحمل في طياته الطاقة والغذاء والإلهام والعافية».
بينالي الشارقة تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون في الإطار الأوسع وهو مشروع الشارقة الثقافي التنويري منذ أكثر من ثلاثة عقود، والبينالي واحد من الفعاليات المنتظمة (كل عامين) التي يقوم عليها هذا المشروع الذي حول الشارقة إلى عاصمة للثقافة والفنون والآداب ضمن متواليات عملية، وفي كل حدث ثقافي فني تكسب دائماً الشارقة ورقة النجاح والإنجاز الفكري الجمالي بمستوياته العالمية.