Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18121

«البينالي».. مشهد للجمال

$
0
0
علاء الدين محمود
النقطة الأقوى لبينالي الشارقة في دورته الثالثة عشرة، «تماوج»، تكمن في كونه أصبح مركزاً عالمياً حقيقياً لقضايا الفنون، لا يكتفي بطرح الأسئلة بل يشهد إنتاجاً للأجوبة، وربما صار ذلك ممكناً لكون البينالي قد غاص عميقاً في القضايا التي اشتبك معها، فمع ذلك العصف الذهني الذي لامس عصب القضايا في معظم مجالات الفنون والآداب والإبداع، لم يتم الركون إلى محصلات تفيد بأن كل شيء على ما يرام، ونتوقف عند ذلك النقاش الكثيف الذي شهده البينالي في قضية المؤسسات الفنية، وحقيقة وجودها في العالم، فالبينالي لم يكتف بالتقييم لواقع تلك المؤسسات المترهل، بل ربط بينه وبين خراب العالم ككل، أي ما وراء هذا التشظي، في ظل خضوع المؤسسات والأعمال الفنية لأيديولوجيا الربح والخسارة.
وتبارى في دورة هذا العام 70 فناناً، قاربوا ثيمات الدورة «ماء، محاصيل، أرض، وطهي»، إلى جانب الجهد الفكري الذي بذل في أنشطة «لقاء مارس» لتأتي المقاربات الإبداعية والبحثية والأدائية؛ وهي تتشابك فيما بينها، من أجل تشكيل خطاب جمالي، أو بيان للجمال ينتمي للإنسانية، أو كما أشارت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، «يأتي منتمياً إلى التجربة الحياتية، والمعاينة المباشرة، بقدر انتمائه إلى التجريب والاستكشاف».
وتأتي دورة البينالي هذا العام وكأنها ذروة ذلك الانطلاق في عام 1993، فإلى جانب اشتغاله وسط أجزاء واسعة من الفنون المعاصرة، وتقديمه للبرامج والأنشطة الثقافية المختلفة، تفعيلاً للحراك الثقافي في الإمارات، فإن البينالي صار أيضاً قبلة، ومنصة فعلية ليس فقط للعرض، بل وكذلك لصناعة السياسات المتعلقة بالفنون والثقافة في كل العالم، وها هو البينالي يتوسع في مدن أخرى مثل العاصمة السنغالية داكار، والتركية إسطنبول، واللبنانية بيروت، إضافة إلى المدينة الفلسطينية رام الله، ليتم تناول ذات القضايا في أفق أكثر اتساعاً، ولكأننا أمام مشهد أشبه بتلك المؤتمرات السياسية الأممية، لكنها تعبر عن توجه نحو الفنون، في داخلها موقف جمالي من السياسة والأيديولوجيا.
ويبدو لافتاً جداً تناول البينالي لوضعية الفنون في عالم متقلب ومتغير، وربما نلاحظ ذلك من خلال الندوات والجلسات النقاشية التي قدمت، وكيف أن المشتغلين تحت إشراف القيمة كريستين طعمة، قد بذلوا جهوداً مميزة في تشريح الموقف، وما يعترض مسيرة المؤسسات الفنية الصغيرة والمتوسطة، والانهيار في المؤسسات الكبيرة، وقضايا التمويل للفنون، وارتفاع المد الشعبوي في العالم، وتأثيره على الفنون في كل العالم.
26 عاماً، من العمل الدؤوب في مجال الفنون ودعم الفنانين، وتعزيز المشهد الفني والثقافي في المنطقة، ويذهب أثرها بعيداً كشجرة مترامية الأطراف ليشمل كل العالم، عبر الأسئلة الكونية التي ظل يطرحها بينالي الشارقة، معززة بجهود فكرية وفلسفية تؤسس لموقف دائم من الفنون وأسئلتها في وسط عالم يمور بالتقلبات، ليصبح حقيقة منصة لصوغ أسئلة الفنون والجمال في كل العالم.

alaamhud33@gmail.com


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18121

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>