القاهرة: «الخليج»
يؤكد جمال حيدر في مقدمة ترجمته للأعمال الكاملة للشاعر اليوناني «يانيس ريتسوس» الصادرة عن دار أروقة للنشر والتوزيع، أنه ليس من الغريب أن يكون هذا الشاعر الكبير من أغزر شعراء القرن الماضي، فقد كان يكتب كل سويعات نهاره، مكثفاً الكتابة وموسعاً مداها باعتبارها غريزة ممتلكة لأسرارها ومساحة وجدانها، غريزة عسيرة الوصف تجعل كل الأشياء المجاورة لها حتى التفاصيل اليومية المهملة نتاجاً شعرياً يمتد في فضاء واسع الحدود والعمق.
ويشير إلى أن الجديد الذي قدمه يانيس ريتسوس على صعيد الشعر اليوناني لا يكمن في الريادية، وأهميته لا تكمن في التعبير عن حاجات إبداعية ملحة فحسب، وإنما في الإسهام الملحوظ لبلورة تيار ثقافي ينطوي على الإقرار في البحث عن الحقيقة بوجوه ومعان عدة، على النحو الذي يضع الشعر في سياقه التاريخي، محاولاً أن يكون مختلفاً متفرداً ومدافعاً عن الاختلاف.
حاول ريتسوس بلورة مدرسة شعرية تحت عنوان «الثورة في الكتابة»، وهو بذلك أحد الشعراء العقائديين القلائل الذين دافعوا باستمرار عن الحرية والديمقراطية دون مساومة ، موصلاً نبرة الحداثة بمحور تحرير الإنسان، مؤكداً في الوقت ذاته أن التغيير ليس ممكناً إلا بثورة ثقافية شاملة، تعتمد على منهج واضح، رافضاً بذلك الشعر السياسي المباشر، مدافعاً عن الشعر المؤسس للغة جديدة وحساسية مغايرة.
الحقيقة الأكثر عمقاً هي أن نتاجات ريتسوس لم تنل الاعتبار الكامل، محلياً وعالمياً، فحسب، بل إنها نالت أقصى حدود الشهرة والنجاح، إذ غدت أشعاره أغاني ترددها حناجر العمال في المصانع والطلبة في المعاهد والجامعات.
تكمن وراء بساطة عوالم ريتسوس حقيقة تتبلور في الذهن المسكون بالألم الإنساني، ما يجعلنا نتعامل مع نتاجاته الشعرية بعفوية، لكننا نظل نكتشفها قراءة إثر أخرى، إذ تنهض تلك القصائد على أرض المصادفات وتتداخل الأشياء وأطيافها وتلتقي في شبكة تثير الاضطراب والدهشة في آن، فبساطة ريتسوس مخادعة، وفي هذا الإطار تبدو نتاجاته سهلة وبسيطة للوهلة الأولى، فثمة تجربة جوهرية عميقة تختفي وراء بساطتها الظاهرة.
يؤكد جمال حيدر في مقدمة ترجمته للأعمال الكاملة للشاعر اليوناني «يانيس ريتسوس» الصادرة عن دار أروقة للنشر والتوزيع، أنه ليس من الغريب أن يكون هذا الشاعر الكبير من أغزر شعراء القرن الماضي، فقد كان يكتب كل سويعات نهاره، مكثفاً الكتابة وموسعاً مداها باعتبارها غريزة ممتلكة لأسرارها ومساحة وجدانها، غريزة عسيرة الوصف تجعل كل الأشياء المجاورة لها حتى التفاصيل اليومية المهملة نتاجاً شعرياً يمتد في فضاء واسع الحدود والعمق.
ويشير إلى أن الجديد الذي قدمه يانيس ريتسوس على صعيد الشعر اليوناني لا يكمن في الريادية، وأهميته لا تكمن في التعبير عن حاجات إبداعية ملحة فحسب، وإنما في الإسهام الملحوظ لبلورة تيار ثقافي ينطوي على الإقرار في البحث عن الحقيقة بوجوه ومعان عدة، على النحو الذي يضع الشعر في سياقه التاريخي، محاولاً أن يكون مختلفاً متفرداً ومدافعاً عن الاختلاف.
حاول ريتسوس بلورة مدرسة شعرية تحت عنوان «الثورة في الكتابة»، وهو بذلك أحد الشعراء العقائديين القلائل الذين دافعوا باستمرار عن الحرية والديمقراطية دون مساومة ، موصلاً نبرة الحداثة بمحور تحرير الإنسان، مؤكداً في الوقت ذاته أن التغيير ليس ممكناً إلا بثورة ثقافية شاملة، تعتمد على منهج واضح، رافضاً بذلك الشعر السياسي المباشر، مدافعاً عن الشعر المؤسس للغة جديدة وحساسية مغايرة.
الحقيقة الأكثر عمقاً هي أن نتاجات ريتسوس لم تنل الاعتبار الكامل، محلياً وعالمياً، فحسب، بل إنها نالت أقصى حدود الشهرة والنجاح، إذ غدت أشعاره أغاني ترددها حناجر العمال في المصانع والطلبة في المعاهد والجامعات.
تكمن وراء بساطة عوالم ريتسوس حقيقة تتبلور في الذهن المسكون بالألم الإنساني، ما يجعلنا نتعامل مع نتاجاته الشعرية بعفوية، لكننا نظل نكتشفها قراءة إثر أخرى، إذ تنهض تلك القصائد على أرض المصادفات وتتداخل الأشياء وأطيافها وتلتقي في شبكة تثير الاضطراب والدهشة في آن، فبساطة ريتسوس مخادعة، وفي هذا الإطار تبدو نتاجاته سهلة وبسيطة للوهلة الأولى، فثمة تجربة جوهرية عميقة تختفي وراء بساطتها الظاهرة.