من المعارض المهمة في ملتقى الشارقة للخط العربي لهذا العام معرض «حروف إماراتية» الذي ينظم بالتعاون مع جمعية الخطاطين الإماراتيين، ويضم سبعة عشر خطاطا إماراتياً، قدموا آخر إبداعاتهم في مجال اللوحة الخطية، ويأتي المعرض من أجل الإضاءة على تلك الإبداعات بتمييزها عن غيرها من الأعمال المشاركة في الملتقى، وتوزعت الأعمال المعروضة بين أنواع الخطوط والاختيارات الزخرفية، وكشفت عن توجهات فنية تجمع بين الأصالة والحداثة، وأكدت الحضور المتزايد للخطاطين في المشهد الفني المحلي، واتساع نطاق تعاطيه بين الفنانين، وجمع المعرض بين أجيال فنية متعددة من الرواد والمخضرمين إلى الأجيال اللاحقة، وكان للخطاطات نصيب الأسد في المشاركات، ما يؤكد ظاهرة إقبال المرأة على هذا الفن الذي ظل لفترة طويلة فنا خاصا بالرجال، ويؤكد أيضاً أصالة الخط كفن مفتوح على الجنسين، وأن اختصاص الرجال به في الماضي لم يكن سوى حالة فرضتها ظروف نشأة الخط الذي انبثق من دواوين الحكم، ونشأ على يد كتاب الخلفاء، وهم رجال.
المشاركون في المعرض هم: خالد الجلاف ومحمد عيسى خلفان وعائشة الحساني وخولة النقبي وأمل الملا وعمران البلوشي وفاطمة الظنحاني وعلياء المهيري وفاطمة الظاهري وشيخة الكياني وفاطمة محمد عبدالرحيم ومروان الحمادي ومريم الصاحي ومريم البلوشي ومريم الفارسي وندى المازمي وهاجر الجابري.
الخطاطة عائشة الحساني كتبت سورة «الشمس» بخط الديواني الجلي، واستغلت التوازن اللفظي والإيقاعي في جمل السورة الكريمة، لصناعة إيقاع شكلي دائري شكلت فيه واو العطف اللازمة الموسيقية التي تفصل بين جملتين إيقاعيتين، فتسمح بالاستراحة وتمهد لمسيرة جديدة، ما سمح للخطاطة بأن تصنع دائرة مكتملة متناسقة وساعدتها مرونة الديواني الجلي وكونه يكتب مائلا، وثراء التشكيل فيه بأن تصنع أشكالا مستطيلة متماثلة، وكُتب النص بالحبر الأسود اللامع، وفي وسط الدائرة الخطية صنعت الخطاطة دائرة بالبسملة مكتوبة بالأحمر، ما أضفى انسجاماً لونياً على مشهد اللوحة بكاملها.
محمد عيسى خلفان صنع لوحة خطية من الآيات الكريمات: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم. تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا. سيماهم في وجوههم من أثر السجود)، وجاءت على شكل تركيب مستطيل بخط الثلث على ورق مقهر، وأظهرت اللوحة دقة الخطاط خلفان في إقامة التوازن بين الكتل الخطية المختلفة، ورشاقة حروفه مع التزامه الصارم بقواعد خط الثلث، واستعان بالتشكيل لملء الفراغات، وتدل اللوحة على تمكن هذا الخطاط المثابر من فنه، وقدراته الإبداعية الجميلة.
مريم الصالحي كتب الآية الكريمة: «فتبارك الله أحسن الخالقين» بشكل متناظر بخط الديواني الجلي على شكل بيضوي في قمته لفظ الجلالة «الله»، وسمح لها تناظر الكلمات بإقامة تشابكات داخلية تصنع بها أشكالاً بيضوية مكررة تحاكي الشكل الكبير، واستغلت برشاقة خاصية التشكيل في الديواني الجلي، وذلك على ورق مقهر يعطي لونه المائل إلى الصفرة خلفية متناسبة مع لون الحبر الأسود، تعطي جمالية مضافة إلى جمال الشكل، وتوحي اللوحة بموهبة كبيرة وخيال إبداعي لدى هذه الخطاطة.
في باب الزخرفة الخطية قدمت فاطمة عبد الرحيم لوحة خطية كتبت فيها جملة: «التذكار شكل من أشكال اللقاء، والنسيان شكل من أشكال الغربة» بالخط الكوفي النيسابوري، وذلك في إطار مزخرف بتذهيب وزخرفة نباتية تدل على دقة ورشاقة عمل هذه الفنانة، وكذلك قدم مروان الحمادي لوحة ركز فيها على الزخرفة تدل على موهبة تشكيلية واعدة، وكتب في وسط اللوحة الآية الكريمة: «إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون».
الشارقة: محمد ولد محمد سالم