في أكثر من مقال منشور على الشبكة الإلكترونية تقدم معظم المواقع المتخصصة ثقافياً أو أدبياً أو حتى اقتصادياً للباحثين فيها قوائم بأفضل مدن العالم لإقامة الكتاب والأدباء وإنجاز مشروعاتهم الإبداعية أو العثور على أماكن مجهزة لدعم استثمار مخيلاتهم فيها.
وتعرف هذه المواقع معايير وأسباب الأفضلية التي تتميز بها هذه المدن كونها مدناً ذات طبيعة خلابة وزاخرة بكل العناصر التي تثري مخيلة الأديب والفنان وتشحذ إلهامه، وتقدم لهؤلاء المبدعين عبر أنشطتها المستمرة ومواقعها التراثية والثقافية المتنوعة وجبات دسمة من التفاصيل الملهمة في الكتابة والرسم والإنتاج الفني.
وبعد أن استضافت الإمارات أكثر من مشروع فني سينمائي وثقافي أصبح من المهم أن تتحول إلى مقر ملهم للمبدعين من خلال إنشاء قرية أو مدينة صغيرة مؤهلة لإقامة كل الفئات من الكتاب والأدباء من داخل الإمارات وكافة أرجاء العالم من الراغبين في التفرغ لإنجاز مشاريع إبداعية تستظل بعزلة راقية تبعدهم عن العالم، لكنها تقربهم من الإلهام الجميل.
والإمارات التي تبلورت خصوصيتها بأسلوب شديد الرقي والحنكة القيادية مهيأة تماماً لاستضافة وإنتاج أكثر من مشروع إبداعي، بل وجديرة بالتفوق على قوائم كل المدن كونها محطة مهمة للراغبين في التزود منها بأكثر من عنصر طبيعي من مكوناتها الثقافية بداية من بحرها بتاريخه وحكاياته وشواطئه الخلابة، مروراً بصحرائها الشاسعة ورمالها ووديانها وتلالها، وليس نهاية بمدن المستقبل المتطورة والمعمار الهائل الذي تسري فيه روح الإبداع وتتألق فوق بروجه الشامخة.
فلماذا لا تسعى الهيئات الثقافية لتشجيع السياحة الثقافية من نوع مختلف، عبر استضافة مبدعين من الكتاب والأدباء والفنانين ضمن معارض ومؤتمرات وملتقيات، بل بإقامة قد تطول لعدة أشهر للباحثين عن عزلة هادئة.
ولماذا لا تبنى مساكن في وحدات مجهزة للتأجير للمبدعين منهم فقط ممن سيقيمون فيها لفترات تطول أو تقصر بحسب رغبتهم أو بحسب طول المشروع، فتتاح لهم فرصة الإنجاز وفي الوقت نفسه حضور الفعاليات الثقافية المتواصلة والدؤوبة على مدار العام وفي كافة أرجاء الإمارات عدا عن المخزون الثقافي الذي سيصل إلى أرفف المكتبة الوطنية الإماراتية ويوثق حضور المبدعين فيها ومرورهم يوماً على أرضها المرحبة بالجميع.
إن الخصب الثقافي الذي تتمتع به الإمارات براً وبحراً صيفاً وشتاء، يجعلها ملتقى كبيراً وحضناً رحباً يتسع لكافة الميول الأدبية والفنية والتوجهات ويستقبل كل التطلعات بمدارسها الفنية والإبداعية كي تتبلور على أرضها الطيبة وتثمر منجزات توثق تاريخها الإبداعي ومستقبلها النشط في كافة المجالات الاقتصادية و الأدبية والفنية.
basema.younes@gmail.com