Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

فضاء جديد للإبداع

$
0
0
توفر مواقع التواصل الاجتماعي فرصة جيدة لأصحاب المواهب الكتابية الناشئين، تسمح بتطوير قدراتهم الإبداعية، وتسعفهم بالرأي النقدي الصائب، خاصة إذا انتموا لمجموعة فيها مثقفون أو كتاب أولو خبرة يستطيعون أن يرشدوهم، ويوجهوا كتاباتهم، وهي فرصة كانت عزيزة في الماضي، فالاحتكاك في الغالب كان مقصوراً على المدرسين في الثانوية أو الجامعة، والمحظوظ هو من يكون من أسرته أو معارفه كاتب يمتلك خبرة في الكتابة فيوجهه.
أما اليوم فالأمر أصبح متاحاً بشكل واسع، وبفضل وجود بعض النقاد والكتّاب المبدعين الناشطين على «الفيسبوك»، والقراء الحصيفين، يستطيع أي شاب ناشئ أن يحصل على الرأي الموضوعي فيما يكتب، والنصيحة النافعة له في طريقه إلى الإبداع، نتيجة للتقييم المستمر من كل من يرتبطون معه بصداقة إلكترونية، وتعد المجموعات مفيدة في هذا الصدد؛ حيث يشكل الانتماء إلى مجموعة تمتهن الكتابة في المجال الذي يسعى الشاب لاكتساب موهبة الكتابة فيه، عاملَ تطوير دائم له، لأنه يريد أن يظل في مستوى ما يكتبه الآخرون.
حين ننظر في سيّر الكتّاب الشباب الذين برزوا في العشرية الأخيرة، وأصبحت دور النشر تنشر كتبهم، سنجد أن أغلبهم طوروا قدراتهم الكتابية، في تلك المواقع الإلكترونية، بدءاً بالمدونات الخاصة ثم وريثاتها الجديدة، صفحات «الفيسبوك» و«تويتر»، ما هيأهم للوصول إلى المستوى الذي أصبحوا معه جاهزين لنشر كتاباتهم في كتب يقتنيها القراء، ولنتذكر هنا رواية «بنات الرياض» التي نشرتها صاحبتها رجاء الصانع عام 2005 على شكل مدونات إلكترونية يومية، وكانت أثناء ذلك تلقى الإعجاب والدعم من طرف قرائها المتلهفين على متابعة روايتها.
الفرصة كبيرة لأصحاب المواهب إذن، لكنها ليست اعتباطية، وليست شيئاً يؤخذ مجّاناً ودون وعي وتخطيط، فالكتابة في المواقع الاجتماعية قد تكون أيضاً عامل دمار للموهبة، لأن طبيعة الصداقات الإلكترونية تقوم في الغالب على التعليقات المجامِلة، وتسجيل الإعجاب بكل شيء، حسناً كان أو سيئاً، وحين لا يمتلك الشاب الذي يكتب حصافة التفريق بين المجاملات والآراء الجادة، سوف يظن أن مئات أو آلاف الإعجابات التي تسدى له مجّاناً عند كل «تدوينة» هي إعجابات حقيقية، ويعطيه ذلك مؤشراً على اكتمال الموهبة، وأنه وصل فعلاً إلى الإبداع الذي ما بعده إبداع، وهنا يكون الوهم الذي يقضي على موهبته في بداياتها، لأنه لن يسعى بعد ذلك إلى تطوير نفسه، ولن يقبل في إبداعه أي رأي نقدي ينقص من المكانة الإبداعية التي يرى نفسه فيها؛ لذلك يظل من المهم للكتّاب الناشئين أن يبحثوا في خضم المجاملات والإعجابات عن الآراء النقدية التي تقيّمهم بشكل صحيح، وتزودهم بالتوجيه السليم الذي يقودهم إلى الارتقاء الأدبي.

محمد ولد محمد سالم
dah_tah@yahoo.fr


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>