Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18117

«أسوار قرطبة»يعزز الانتماء.. وأسئلة فلسفية في «صديقتي تخجل»

$
0
0
الشارقة: محمدو لحبيب
ضمن فعاليات اليوم الثاني من المرحلة الختامية للدورة السابعة من مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي، شهد معهد الشارقة للفنون المسرحية عرض مسرحيتي «صديقتي تخجل» من إنجاز مدرسة فاطمة بنت عبد الملك للتعليم الأساسي في المنطقة الشرقية، ومن إخراج المعلمة آمنة النقبي، ومسرحية «أسوار قرطبة» من إنجاز مدرسة الهلاليات للتعليم الأساسي والثانوي في المنطقة الوسطى، من إخراج المعلمة سمية محمد، وذلك بحضور عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة، وأحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح في الدائرة، وجمهور غفير من الطلاب والمهتمين بالمسرح.
قدم عرض «صديقتي تخجل» عدة مفاهيم تتعلق بنقاش الصور النمطية المتداولة عن الخير والشر، وعن كيفية صياغة الشرير وصنع صورته، حين يتساءل العرض: لماذا يكتب الكتّاب الشخصيات الشريرة بطريقة مشوقة؟، وكيف يمكن استخدام «لو» السحرية في إعادة صياغة تلك الصور وتحرير بعضها من بوتقة المهانة والسخف الملصق بها في ذهنية المتلقي بشكل عام.
يستخدم العرض تقنية الراوي داخل المسرح، إذ إنه يحكي عن بروفة لمسرحية مدرسية عن الحيوانات وأدوارها الخيّرة والشريرة، وتبدأ القيّمة على البروفة في توزيع الأدوار أولاً على ممثليها، حيث ترفض أغلبهن تمثيل دور الحمار لارتباطه في وعيهن بصورة سلبية مسبقة، لكن من خلال الحوارات في البروفة نلاحظ أن السؤال يُطرح بشكل عميق ومبسط: لماذا يهرب الجميع من تمثيل دور الحمار؟ ولماذا يبدو ساذجاً، غبياً، في حين يبدو الذئب والثعلب شخصيتين لطيفتين، ذكيتين، ثم يطرح البديل الموضوعي من خلال استخدام «لو» السحرية التي تسمح بالتساؤل: ماذا لو كان الذئب حمامة، وكان الحمل يمامة، ماذا لو كُنت كبيرة لكُنت الآن محامية خطيرة، كما تقول البنات في أغنية استعراضية من العرض.
تتصاعد الأحداث من خلال البروفة، ليجد المتلقي نفسه أمام فرقة مدرسية اجتهدت في تجهيز عرضها لكنها تفاجأ في اللحظات الأخيرة، بأن إحدى البنات اللواتي يمثلن أدوار الحيوانات أصيبت بمرض على مستوى حنجرتها، مما يمنع مشاركتها في المسرح، وبالتالي بات عرض الحيوانات مهدداً بالإلغاء ما لم يتوفر بديل، هنا يبرز صراع داخل نفس البنت الخجولة التي كانت ترفض التمثيل وتهرب منه لخجلها من مواجهة الجمهور، فتقرر بعد أخذ ورد مع نفسها أن تنقذ فرقتها من خلال مشاركتها كبديلة عن البنت الغائبة، محطمة في الوقت نفسه ذلك الحاجز والرهبة اللذين كانا يمنعانها من التمثيل رغم حبها له، وذلك في إشارة ذكية من عرض «صديقتي تخجل» لأهمية المسرح كفن في تطوير الشخصية الإنسانية وجعلها شخصية فاعلة قادرة على التصرف بثقة وأريحية و إيجابية.
حفل عرض «صديقتي تخجل» بعدة استعراضات غنائية، واشتغل على الحركة وتوظيف الفضاء المسرحي، وخلق حالة من البهجة حتى وهو يطرح أسئلة عميقة تصب في قالب الفلسفة قبل أن تكون مجرد لعبة أطفال يتسلون على توزيع أدوار الحيوانات داخل مملكتها.
من جهة أخرى قدم العرض الآخر «أسوار قرطبة» حكاية أندلسية تتناول أدوار الخيانة والتعاون من طرف الوزيرة «هوان» والخادمة «غدر» مع المحتلين الغزاة الذين يريدون إسقاط الملكة «عهد» والاستيلاء على بلادها، وبالتواصل بين الوزيرة والخادمة ومعسكر الأعداء، يستطيع أولئك الأعداء إيجاد ثغرة في أسوار قرطبة للنفاذ منها بغية احتلالها.
تكتشف الملكة ومعاونوها حكاية الوزيرة والخادمة الخائنتين مبكراً، ويجري قتل الخونة وفق قاعدة أن الرد القاسي والصارم هو ما يستحقه أي خائن، وأن الموت في سبيل الوطن وحمايته هو فخر وشرف لأي إنسان، وأن العهد بالأمانة والحفاظ على الوطن والدفاع عنه هو عهد مقدس لا بد من مراعاته حتى ولو جاد الإنسان بروحه من أجل ذلك العهد، العرض يعيد رسم تلك الملامح العامة لقيمة الوطن من خلال استدعاء التاريخ الأندلسي، وما حدث من تآمر وخيانة من طرف البعض في ذلك التاريخ، ويدخل العرض عموماً في إطار المسرحيات التاريخية التي تتحدث عن حقبة معينة، لكنها توجه رسالة إلى عصرنا الحالي الذي تتربص فيه بأوطاننا مخاطر عديدة، لا بد من التصدي لها عن طريق تكوين النشء على حب الوطن، والتمسك به ونبذ الخونة وضربهم بيد من حديد.
استخدم العرض تقنية الراوي الذي يتدخل بين المشاهد بصوته دون أن يظهر على الخشبة، حيث جسدت إحدى التلميذات من مدرسة الهلاليات التي أنجزت العرض، دور ذلك الراوي، واستخدم العرض كذلك الموسيقى المرتبطة بالأندلس وبالموشحات الأندلسية.
وأبان كلا العرضين عن مواهب وقدرات فذة على مستوى التمثيل لدى الطالبات، وهو ما يشكل بلوغاً لأهداف دائرة الثقافة من خلال إقامة مهرجان المسرح المدرسي، الذي يسعى إلى اكتشاف المواهب مبكراً وتنميتها وتطويرها، وكذلك تدعيم الجانب التعليمي التربوي من خلال الحث المسرحي على القيم الأخلاقية النبيلة، وغرس الفضائل والمثل في نفوس الطلاب.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18117

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>