اقتحم ألفريد فرج عالم المسرح وقدم إبداعه لأول مرة إلى الجمهور المصري، في ديسمبر/كانون الأول عام 1956، وسط أجواء جديدة على المسرح، كان المجتمع ونظامه الثوري يواجهان حرباً شرسة، تحاول بها بقايا الإمبراطوريات القديمة إعادة الزمن للوراء، وكان كتاب الماضي عاجزين عن مواكبة اللحظات الحاسمة بأعمال إبداعية، تتناسب معها، وكان يعتلي كرسي رئيس الفرقة القومية ضابط وطني هو أحمد حمروش، والتقى توجه هذا الرئيس بإبداع شباب الثورة.
ودخل ألفريد فرج حينذاك، لأول مرة، فضاء المسرح، بنص قصير هو «صوت مصر» الذي أخرجه حمدي غيث ضمن سهرة مسرحية، وذلك في إطار تعبئة المجتمع المصري أثناء معركته ومعركة النظام الثوري الجديد، وكان المشهد المسرحي ينبئ بولادة جيل جديد يحمل رؤى متوافقة مع النظام الجديد ومغايرة لرؤى الأجيال السابقة عليها.
وكان المشهد النقدي - حسبما يوضح د. حسن عطية في الكتاب الذي أعده بعنوان «مسرح ألفريد فرج.. صانع الأقنعة» - يؤكد على بروز الاتجاه السوسيولوجي وتبلور معالمه، وسط معارك نقدية حادة، يتداخل فيها ما هو سياسي بما هو فني وتطرح فيها الأسئلة حول مستقبل الثقافة المصرية، وتختلط فيها المعايير وسط واقع تتصارع فيه الاتجاهات المتناقضة، سعياً لتجميد الأوضاع على ما هي عليه. يقدم الكتاب مجموعة من الكتابات النقدية (التطبيقية) المواكبة لعروض مسرحيات ألفريد فرج، كما تحاول التعرف إلى مسيرة النقد المسرحي في مصر خلال ما يقرب من نصف قرن.
بدأت علاقة ألفريد فرج بفضاءات المسرح مع عرض الفرقة القومية لمسرحيته القصيرة «صوت مصر»، واستمر العرض لثماني ليالي ومر من دون أن يلتفت النقد إليه بسبب طبيعة النص ذاته، كنص كتب خصيصاً للتعبئة الوطنية، غير أن هذا العرض نبه الحركة النقدية لظهور كاتب يدخل به بجدارة في مدرسة توفيق الحكيم التي يسمونها مدرسة المسرح الذهني.
وفي زمن الحديث عن سياسة عدم الانحياز والحياد الإيجابي وفي الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1957 تعرض نفس الفرقة مسرحية «سقوط فرعون» لمدة 12 ليلة، ثارت خلالها معركة نقدية تجاوز ما كتب عنها أربعين مقالاً، ما بين مؤيد ومعارض، ودخل الكاتب نفسه المعركة متسلحاً بكونه كاتباً صحافياً، وطارحاً أفكاره في أكثر من حوار جرى معه، خاصة أن هذه المسرحية كانت تشكل هماً أساسياً لدى ألفريد فرج.
القاهرة: «الخليج»