جدل المثقّف والسلطة

سيظل مأزق العلاقة بين المثقّف والسلطة قائماً ما دام المجتمع البشري بحاجة إلى السلطة. وكل نجاح في حل هذا المأزق سيظل نسبياً، حيث لا يخفى أن الإشكالية هنا تنشأ نتيجة الاختلاف في الطبيعة؛ طبيعة كل من الثقافة والسلطة.
وتعد هذه المشكلة محور هذا الكتاب الصادر تحت عنوان: «المثقف والسلطة». فالعلاقة بين الطرفين علاقة تعارض أو تضاد في كثير من الأحوال، فرجل السلطة يجد في نفسه دائماً قائداً للأوركسترا الاجتماعي بكامله، والمثقّف؛ خصوصاً المثقّف العضوي الذي يقول به جرامشي، لا يرى في نفسه أقل من رائد من رواد التغيير الاجتماعي.
أين الوهم والحقيقة في هذا الصراع بين الطرفين، وما طبيعة العلاقة بينهما في الواقع؟
يشير د. مصطفى مرتضى في هذا الكتاب، إلى مدى صعوبة تعريف هوية المثقّف، ويسترشد بآراء عديدة في هذا الاتجاه ويتساءل: هل المثقّفون طبقة وسطى؟ ويوضح أن العديد من المثقّفين يؤكدون انتماء أغلبيّتهم إلى الطبقة الوسطى، فروبرت بريم، يشير إلى أن المثقّف الحديث أضحى بروليتاري النزعة في ضوء الوضع الذي يحتله في العملية الإنتاجية.
كما أنه أصبح أيضاً ذا اتجاه برجوازي بسبب ما يستمتع به نسبياً من مستويات اجتماعية ذات مستوى عالٍ. وفي نفس السياق أيضاً يشير رايت ميلز، إلى أن المثقّف يحتل مكانه في الطبقة المتوسطة الجديدة، ويرى أن الوضع الذي يحتله الفرد في منظومة التدرّج داخل المجتمع، ينهض وفقاً لعدد من المقوّمات هي مصدر الدخل وكميته، والهيبة وقوة الشخصية في السيطرة على سلوك الآخرين.