بعد 11 يوماً وليلة حافلة بالعروض والفعاليات الثرية من ورش وندوات وحوارات أسدل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي فعاليات دورته ال 24 مساء الجمعة، على مسرح الجمهورية، التي شهدت مشاركة 27 عرضاً مسرحياً.
بدأ حفل الختام بفقرة موسيقية لفناني بيت العود التابع لصندوق التنمية الثقافية، والذي يشرف عليه الفنان العراقي نصير شمة، قدمت الفرقة على آلتي العود والبزق عدداً من موسيقات أشهر روائع الأغاني العربية، إضافة إلى عدد من مؤلفات الفنان نصير شمة الموسيقية وكان منها: «أنا قلبي دليلي، زمان النهاوند، الحلوة دي، شقلاوة»، واختتمت بموسيقى أوبريت «الوطن الأكبر» للموسيقار محمد عبد الوهاب.
قدم الحفل الفنانان المصري محمد عادل والأردنية أمل الدباس، وفي كلمته الختامية قال رئيس المهرجان د. سامح مهران إن هذه الدورة شهدت تجارب متميزة في المسرح التفاعلي والنسوي ومسرح حرب العصابات، وعروضا استفادت من فنون المصارعة والأكروبات والرقص المعاصر، كما تضمنت الفعاليات نقاشات وحلقات حوار حول المسرح بين التراث والمدينة وأشكال المسرح المعاصر وعبقرية المعنى وتفتيح الفراغات الثقافية والخطاب السائد، وأضاف: إن الدورة المقبلة ستكون محطة فارقة في عمر المهرجان في الاحتفال باليوبيل الفضي.
وألقى الكاتب النيجيري فيمي أوشيفسيان كلمة باسم الوفود الأجنبية المشاركة قال فيها إن أهمية المهرجان تكمن في الجمع بين فنانين ومفكرين من بلاد مختلفة، وتوجيه نظر كل منهم إلى عالم الآخر.
اختتم المهرجان فعالياته بعرض «التجربة» لفرقة مكتبة الإسكندرية، إعداد وإخراج أحمد عزت الألفي عن مسرحية «كاسبر» للكاتب النمساوي بيتر هندكة، يتناول قصة الفتى كاسبر هاوزر التي أثارت جدلا كبيرا في القرن التاسع عشر، والذي ظهر فجأة في سن السابعة عشرة في إحدى المدن الألمانية، حيث حبس في قبو لعدة سنوات ثم أخرجه أحدهم للمجتمع فاقدا القدرة على الكلام وتعددت الأقاويل حول أصله و طفولته وتعكس تجربة حياته القصيرة الفشل في التكيف مع المجتمع، الذي حاول السيطرة عليه حتى رحيله في أوائل عشريناته بعد حياة مضطربة تفتقد السلام.
وفي العرض اختار المخرج أن يشطر شخصية كاسبر إلى أربع شخصيات، فتاتين وولدين، ويحولهم إلى فئران تجارب لعالم يحبسهم في قبو ضيق ويجري تجارب على «الوقوف، المشي، الحركة، التعرض للضوء، الكلام، سماع الموسيقى»، وذلك من خلال تقنيات الرقص المعاصر والفعل الجسدي، بالإضافة إلى محاولات عدة من التجريب على مستوى الصوت والصورة، ويجري عليهم تجارب تعكس بقدر كبير دور المجتمع في تشكيل أفراده على صورة واحدة، وكأنها النسخة المقبولة اجتماعيا وتظل الشخصيات تكرر مقولات دالة يلقنها لها العالم الذي رأيناه في بداية العرض يمثل هو نفسه شخصية كاسبر المضطربة، وكأن المجتمع يعيد صياغة أفراده فيتحول كاسبر الضحية إلى عالم يمارس قهر المجتمع له على آخرين لتستمر الدائرة متواصلة من التعرض للقهر، ثم تكرار ما عاشه على آخرين، لكن العالم لا يضع في اعتباره أثر المشاعر التي تفسد عليه التجربة ليصل إلى نهاية مأساوية بأن كاسبر، الذي يمثل البراءة والتلقائية لا بد أن يموت، اعتمد العرض على التعبير الحركي والتجريب على مستوى الصوت والصورة.
القاهرة: انتصار صالح