واصل بينالي الشارقة الثالث عشر فعالياته في بيروت من خلال نشاطات فنية توزعت بين متحف نقولا سرسق، سينما متروبوليس، مسرح «دوار الشمس» في اليومين الثالث والرابع على انطلاقته.
أقيم معرض «ثمرة النوم» الذي يحاول استقراء مجموعة من السبل والممارسات الثقافية في مجتمعاتنا المرتبطة بالنوم والسبات والأحلام من خلال مجموعة من أعمال الفنانين التشكيليين والتجريبيين، كما قدم الفنان رضوان مرزيكا عرضاً أدائياً حمل عنوان «55» احتضنته ساحة متحف سرسق، وفيه يعمل الكوريجراف المغربي مرزيكا على فهم وتفكيك العلاقة بين الجمهور والمؤدي، وقد تجسد هذا العرض الأدائي في لغة حركية تراوح بين الحسي والمنطقي، وفيه اعتماد كلي على المفاهيم الجسدية الصارمة وكيفية وصولها إلى المتلقي، والعلاقة المركبة بين المؤدي والمتلقي إذ تقود، بحسب قول مرزيكا، إلى تجسيد حركات معقدة تتداخل فيها الأشكال والتكوينات الهندسية والوضعيات والمهام المختلفة التي يقوم بتأديتها، بمفرده، مدة 45 دقيقة محاولاً الوصول من خلالها إلى تفاعل حقيقي مع جمهوره حول مجموعة من الأفكار يبثها حركة ورقصاً، وتتقصد إبهار المشاهد.
ومن ثنائية العلاقة عند مرزيكا، إلى الثلاثية السينمائية عند أنطون فيدوكل، فقد عرضت سينما متروبوليس تحت عنوان «الخلود للجميع» ثلاثية سينمائية هي: «هذا هو الكوز موس 2014»، «الثورة الشيوعية سببها الشمس 2015» و«الخلود والبعث للجميع 2017»، ترصد الثلاثية تأثير الفلسفة الروسية في القرن العشرين، ويجمع المخرج الروسي فيدوكل بين المقال والأداء الوثائقي ليعود إلى جذور الفكر الكوني، كما يستكشف العلاقة بين علم الكونيات والسياسة، ويستثمر فكرة البعث الأساسية في هذا الفكر بالاستناد إلى الإرث الفلسفي والشعري الكوني، إذ تدور كاميرته على بقايا الفنون والعمارة السوفييتية بين كازاخستان ومتاحف موسكو، فنسافر معه ونكتشف فلسفته ورؤيته الجاذبة للمسائل.
واختتم ثالث أيام البينالي في مسرح دوار الشمس مع مسرحية «وقت قليل» للمخرج والكاتب ربيع مروة، بمشاركة الممثلة لينا مجدلاني التي تؤدي شخصية ذكورية، فهي البطل «ديب الأسمر». تتناول المسرحية حكاية استمرت نصف قرن، عن ديب الأسمر، كأول شهيد لبناني يسقط في العام 1968 من أجل القضية الفلسطينية وينصب له تمثال في وسط بيروت تكريماً لروحه ليعود بعدها ويقف مفتوناً بنفسه أمام تمثاله المنصوب، وخلال ساعة كاملة يأخذنا مروة ومجدلاني إلى عالم ديب الأسمر الخيالي الذي يستشهد ويعود ويواجه نفسه وتدور أحاديث بينه وبين آخرين من المجتمع المندهش بموته وعودته.
يقول مروة إنه استوحى عمله من نصب تذكاري لخليل عز الدين الجمل، الذي كان أول شهيد لبناني للثورة الفلسطينية في أواخر الستينات، موضحاً أنه اقتبس من الواقع فكرة تمثال الشهيد الأول ليضيف إليها جرعة من الخيال، بحيث تثير العلاقة الجدلية الذاتية والمجتمعية حول الشهادة والشهداء.
مع مروة، نحن أمام مسرح متخيل، فهو اخترع مع شريكته مجدلاني مصطلحاً مسرحياً جديداً اسمه «بيوخرافي» أي خرافة السيرة الذاتية، وعن ذلك يقول مروة: «إن السيرة الذاتية في كل بلاد العالم حقيقية بنسبة كبيرة جداً، أما في بلادنا فهي، وبسبب افتقارنا إلى «الموديل» أو «المثال» في سيرنا الذاتية فإننا نتحول إلى التأليف، ونحاول غالباً أن نصنع من خيباتنا بعض الأحلام لنخبرها وكأنها حقيقة. من هنا فإن المسرح «البيوخرافي» يناسبني في التأليف والحكايات ويناسب في الأداء شريكتي مجدلاني». ويضيف: «عندما أكتب مسرحية لا أفكر باستفزاز الآخرين الذين ترد أسماؤهم في أعمالي، ولا الجمهور، بل هدفي أن أقدم أداءً سردياً تمثيلياً، وقد تقمصت لينا وهي أنثى شخصية ذكورية، وفي ذلك تجريب مسرحي يُقدم عليه كلانا».
بيروت: هناء توبي وزينة حمود