«هوت مَارُوك».. رصد ساخر لتحولات المجتمع

تغوص رواية «هوت ماروك»، الصادرة حديثاً عن دار الفنك في الدار البيضاء للمغربي ياسين عدنان، والتي اختيرت ضمن القائمة الطويلة للبوكر العربية 2017، في تفاصيل المجتمع المغربي، في فترات تاريخية متباينة، وترصد تحولاته منذ السبعينات حتى الوقت الراهن، وتقدم تشريحاً للواقع الاجتماعي، وكيف تتراجع القيم عندما يستشري الفساد، في لحظة ما من تاريخ الشعوب، وفق رؤية فلسفية ناقدة.
تحفل الرواية بشخوص يغلب عليهم النزق والعيش وفق حياة بهيمية، وعنوان الرواية يحمل شيئاً من هذه المضامين، فهي تعني «المغرب الساخن»، وعتبة النص الأولى المتمثلة في العنوان تشير نحو الهوية المرتبكة في المزاوجة بين لسانين، فالرواية تحكي عن المغرب في تقلباته وتحولاته وصراعاته ومشاكله، خاصة تلك الإشارة لمدينة مراكش، التي تعرضت في إحدى مراحل تاريخها للترييف واقتلاع الأشجار، وكذلك يشير إلى الجامعات والحياة فيها وحراكها الطلابي، وانتقال المغاربة من حياة بسيطة إلى حياة العصر، الذي يتميز بالصخب والسرعة، والتطور في مجال الاتصال والتكنولوجيا وظهور الإنترنت، وتأثير كل ذلك في حياة الناس، وخلق مجتمع معقد ومتباين.
تغوص الرواية أيضاً في طبائع الناس، وما يحتشد في أنفسهم وتصوراتهم حول الواقع، والأفكار التي تتكون عندهم نتاج التربية والسلوك، وكذلك تناول السياسة وأثرها في الواقع الاجتماعي، والدور الذي لعبته الصحف في عملية التشظي في كثير من مراحل الحياة السياسية والاجتماعية، وتبرز بشكل كبير التناقضات الاجتماعية وتأثير الحداثة في المجتمعات، والواقع أن الكاتب قد اتبع أسلوباً شائقاً ورفيعاً في السرد، كما لا يخلو التشخيص الناقد الذي اتبعه الكاتب، من السخرية اللاذعة من المفارقات في حياة البشر، وميل بعضهم نحو الهمجية والحيوانية، فهي ترصد هذه التقلبات من خلال سيرة «رحال العيون» الشخصية الغريبة الأطوار.
وجدت الرواية تجاوباً كبيراً في مواقع مراجعات الكتب، وأجمع معظم القراء على جودة الرواية العالية، ونجاحها في الجذب عبر سردها الممتع المتضمن لفكرة عميقة، تقارب الطرح الفلسفي، ويقول أحد القرء: «الكاتب يرصد المغرب الساخن وبالخصوص مراكش وأحوال ساكنيها، تشبيه الكاتب لكل شخص في الرواية بحيوان أكثر شيء أعجبني، مثلاً الشخص الذكي أو الماكر يكون ثعلباً، والشخص الطيب يطلق عليه البقرة، وهكذا تباعاً لكل شخوص الرواية.. كما أن أسلوب الكاتب جميل جداً وبسيط، والسرد سلس غير متكلف»، ويقول آخر: «يحلل الكاتب الشخصيات من خلال خلع صفة حيوانية على كل شخصية، لنعيش مع رحال العويني السنجاب ذي الشخصيّة المهزوزة المعقدة، الذي يعيش في عالم افتراضي حياة تناقض حياته في عالم الواقع، الإنسان المكسور يتحول إلى شخصية فعالة و مؤثرة، تقود الرأي العام ولا تمانع أن تكون مؤجرة تقبض الثمن»، بينما تقول قارئة: «إن شخصية رحال التي ابتدعها الكاتب وأبدع فيها حقاً، هي أكثر ما أعجبني في هذا العمل الأدبي، الجبن والمكر والحقد الذي يكنه للآخرين، ميولاته الانطوائية، حياته الرتيبة..إلخ، ثم أسلوب الكاتب الساخر الذي وظفه بشكل ذكي في انتقاد المجتمع وحياته اليومية».