الشارقة: عثمان حسن
استحوذت رواية «الطوق الأحمر» للروائي الفرنسي جان كريستوف روفان، على تعليقات متعددة من القرّاء، مالت في معظمها إلى مدح هذا العمل، الذي يأتي في إطار رفض مؤلفها للحرب ومناهضته لها، ووقوفه بحزم ضد المتسببين بها، وصدرت الرواية باللغة العربية عن دار ممدوح عدوان للنشر من ترجمة ريتا باريش.
تتميز الرواية بحسب ما كتب عنها بطابع ساخر، مع نزعة فلسفية تأملية، وهي تدعو إلى إحكام العقل وتقبل الآخر، بالتوازي مع نبذ الإجرام والقتل.
تدور أحداث «الطوق الأحمر» في زمن الحرب العالمية الأولى، وهي تستند على قصة حقيقية، رواها مصور صحفي عن جده الذي شارك في الحرب، هذا الجد يمنح وساماً لشجاعته؛ لكنه في لحظة شاردة، يخلع الوسام ويقلد كلبه، إمعاناً في سخريته من أهوال الحرب وبشاعتها.
الرواية بحسب أحد القرّاء تشكل محاكمة؛ بل إدانة لأهوال الحرب، وما يلفت النظر في هذا العمل، أن فكرتها راودت المؤلف أثناء وجوده في الأردن، لمراقبة تطور ما سُمي ب «الربيع العربي»، من أجل تقديم تغطية صحفية لمصلحة الجريدة التي يعمل لها.
أحد القرّاء يصفها بالعمل الممتع، الذي يستحق القراءة، ويرى بأنها محملة بكثير من القيم، سيما وأنها ترى تفسيراً وحيداً للنصر، نصر يستحق الاحتفال فقط، إذا كان موجهاً ضد مشعلي الحروب ومسببيها من القوى الكبرى والرأسمالية.
قارئ آخر يتفق مع ما سبق ذكره بتأكيده، أنها رواية عن العنف والبشاعة التي تسببها الحروب، ويقتبس منها الجملة التالية: «من الغريب كيف جعلت الحرب من الأمور الحميمية أمراً لا يُطاق، كما لو أنّ خليط الأجناس وأسرار الأجيال تلاقت مع عربدة الدم والموت، بذلك الخليط من الدناءة الذي يسري في شظايا القذائف».
قارئة أخرى تحلل شخصية المحقق العسكري «لانتييه»، الذي يبدأ تحقيقاً سريعاً في قضية ارتكبها جندي عائد من الحرب، واسمه «مورلاك» وهو أيضاً بطل قومي تلقى وساماً لبطولته في المعركة، وتقول: «لا نعرف على وجه الدقة، ما هو الجرم الذي ارتكبه «مورلاك»، يبقى هذا التفصيل خفياً عنّا، وتتخذ الرواية أسلوب التحقيق المباشر مع (السجين/المتهم)، ومن خلال الحوارات نعرف تفاصيل الحكاية تدريجياً».
التدقيق في فكرة الرواية هو ما يشغل إحدى القارئات، التي ترى أن جان كريستوف قدم أسلوباً فريداً، واستطاع أن يحفز ذهن القارئ ويجعله معنياً بالحدث وبالقضية التي يدافع عنها، فيجد نفسه يتخذ موقفاً ينحاز إلى صف المتهم حتى قبل أن تعرف (تهمته)، التي لا تتكشف إلا في نهاية الرواية.
هي «تحفة رائعة» هكذا يصفها أحد القرّاء وقد نجح مؤلفها؛ من خلال تكثيف لغتها أن يقدم عملاً متفوقاً، وأن يتميز ببصيرة إنسانية واضحة وهو يقارب موضوعاً سياسياً، .