نظم منبر ابن رشد في المعرض محاضرة للدكتور سعد البازعي ناقش خلالها فكرة ابن رشد ومحنة المثقف، وأدار الندوة الدكتور صديق جوهر بأسلوب حواري شيق، بحضور عدد كبير من المهتمين والمثقفين.
قال د. البازعي «إن ابن رشد واجه السلطة بمستوياتها المختلفة الثقافية والاجتماعية والسياسية، وإن النكبة التي تعرض لها على المستوى السياسي والاجتماعي معروفة، كما هي حال مواجهته الفلسفية مع الغزالي من خلال كتابه «تهافت التهافت» رداً على ما كتبه الغزالي في «تهافت الفلاسفة».
وأوضح د. البازعي أن مواجهة ابن رشد للغزالي تمت تحت مظلة أوسع، وهي مظلة التوفيق بين الشريعة الإسلامية والحكمة اليونانية التي شغلت فلاسفة الإسلام من قبل، وشغلت ابن رشد بشكل خاص، وتلك لحظات توتر كانت النصوص ساحتها، مثلما جاءت بعض أحداث الحياة انعكاساً أو امتداداً لها.
وأضاف البازعي أن ابن رشد عاش في كنف دولة الموحدين، وعمل قاضياً بإشبيلية إلى جانب عمله في البحث والتأليف مشتغلاً أحياناً بتكليف من أمراء الموحدين، أبو يوسف يعقوب الذي كلف ابن رشد بترجمة الفلسفة اليونانية وشرحها، وتعد علاقة ابن رشد بأبي يوسف الذي كان مثقفاً واسع الاطلاع على علوم عصره خاصة الفلسفة، علاقة مركزية في حياة ابن رشد سواء في صعود نجمه في معظم سنوات حياته أو في غيابه فيما بعد، فيما يعرف بنكبة ابن رشد التي أدت إلى نفيه حوالي سنتين وإحراق كتبه على النحو المشهور في كتب التاريخ، لكن مشروع ابن رشد الفكري كما البازعي كان منذ البدء مثيراً للجدل ليس في أوساط العامة أو الساسة فحسب، وإنما في أوساط المشتغلين بالفكر عموماً والفلسفة اليونانية بشكل خاص التي تزعم ابن رشد إعادة تقديمها وإشاعتها في الثقافة العربية الإسلامية، ماشياً على خطى من سبقه كالفارابي وابن سينا في المشرق العربي.
وذكر د. البازعي أن ابن رشد في كتابه الصغير الحجم الكبير الدلالة والأهمية «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال» يخوض معركته الرئيسية ضد معارضي الحكمة القائلين بتعارضها مع الشريعة، وهو في معرض رده، يقيم الحجج متكئاً على البرهان وعلى معرفته بالموروث الإسلامي والنصوص الدينية وتفسيرها أو تأويلها والفقه وأحكامه، وحجته الرئيسية في كل ذلك، هي أن الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له، وقد حث القرآن على النظر العقلي مثلما على الإيمان.