أعز مكان في الدنى سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
وهو ترديد حميد، كونه يحرض على فعل القراءة، وعلى أهمية الإقبال على الكتاب، فالقراءة هي أول فعل مقاوم، أول ردة فعل على الجهل، وأول تأكيد على الرغبة في المعرفة، والقراءة بذلك هي من الحتميات المعرفية، والضرورات الحضارية والإنسانية، وإلى جانب ذلك مازالت القراءة تحتفظ بمهمة المقاومة لكل الأزمات، التي تعترض الإنسانية، مثل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بالتالي هي مهمة مزدوجة، من أجل المقاومة من جانب، ومن أجل البناء من الجانب الآخر، بما توفره من حلول لتلك الأزمات، فالقراءة ومنذ القدم، تعد أهم وسائل المعرفة، وأدوات اكتشاف الحقيقة والأشياء من حولنا في مجادلتنا اليومية مع الطبيعة منذ الأزل، بالتالي هي الأداة الأولى في المعرفة.
القراءة بهذا الفهم هي الوسيلة والأداة الأهم في عملية التثقيف، والولوج إلى عوالم العلوم، بالتالي تبرز أهميتها الكبيرة التي لا غنى عنها في تقدم الشعوب والأمم، وتطورها وصناعة قوتها، وهذا الحديث عن أهمية القراءة والكتاب، ليس بعيداً عن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي يعكس اهتمام الدولة بالقراءة والكتاب بشكل متعاظم.
المعرض يسعى إلى استعادة اهتمام الناس بالكتب والتشديد على أهميتها باعتبارها إحدى أهم سبل المعرفة، ومن الوسائل المهمة لتحقيق التقدم، وهذا الاهتمام يعكس فضل الكتاب، ودور القراءة في تنمية الإنسان، ويعتبر المعرض من جهة أخرى، وجهة لصناعة النشر في العالم العربي، ويرسخ دعوة الدولة لتخصيص العام 2016م، عاماً للقراءة، ويتضمن مجموعة برامج متنوعة من مثل: البرنامج الثقافي، والبرنامج المهني.. إلخ، فضلاً عن ندوات توقيع الكتب، والنقاشات واللقاءات الفكرية والفنية والتثقيفية والترفيهية، وكلها فعاليات تؤكد المعاني السابقة.
إن المعرض يعكس الولع بالكتاب وبالقراءة، حيث مازال الكتاب رغم التقدم التكنولوجي الكبير في وسائل الاطلاع والقراءة، يحتفظ بمكانته الكبيرة في أفئدة القراء، وذلك للعلاقة التي تآنست بين الكتاب الورقي والمتلقي، وهذه العملية قديمة عبّر عنها المثقفون والشعراء والفلاسفة، وتصور هذه الخصوصية بين الكتاب الورقي والقارئ، فالكتاب هو الصاحب والصديق، يقول الجاحظ:
أوفى صديق إن خلوت كتابي
ألهو به إن خانني أصحابي
لا مفشياً سراً إذا أودعته
وأفوز منه بحكمة وصواب
علاء الدين محمود