Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

ملتقى الشارقة للمسرح العربي نافذة على أحوال «أبو الفنون»

$
0
0
الشارقة: عثمان حسن

تعقد في فبراير/ شباط المقبل الدورة الخامسة عشرة من ملتقى الشارقة للمسرح العربي، والذي تنظمه إدارة المسرح في دائرة الثقافة في الشارقة، تحت عنوان «المسرح والعلوم».
يعتبر هذا الملتقى مهماً لجهة استضافة نخبة من الباحثين المتخصصين في المسرح، الذين يقدمون مقترحات وتوصيات تقرأ مستجدات الساحة المسرحية العربية، كما يشكل الملتقى فرصة لتدارس حساسيات فنية مختلفة، تهدف إلى إثراء الفنون بالمزيد من الرؤى والنظريات التي تدفع بالحراك المسرحي العربي نحو آفاق أكثر مواكبة للعصر الذي نعيش، كما يمنح اللقاء فرصة لبروز الباحثين المسرحيين الشباب، والتعبير عن آرائهم انطلاقاً من خدمة الفن، وتعزيز وجوده في المجتمع والارتقاء به كمنصة ثقافية حضارية لا يستهان بها.
وكانت إدارة المسرح قد وثقت فعاليات هذا الملتقى خلال السنوات القليلة الماضية بسلسلة من الكتب التي شارك فيها مختصون وباحثون في شؤون المسرح، وصدرت عن الدائرة تحت عناوين مختلفة منها: «المسرح والتسامح» و«المسرح والرواية» و «المسرح والتواصل»، كما حفلت فعاليات الملتقى بورش وملتقيات تثري الساحة الفنية، لجهة لقاء الأجيال الفنية الفتية مع نخبة من مخضرمي المسرح في العالم العربي.
حفز الوعي بالاختلاف وحرية الاعتقاد والتعبير، والتركيز على خطاب المسرح النقدي ورسائله الفكرية والجمالية، هو من المحاور التي يعنى بها ملتقى الشارقة للمسرح العربي، كما أن مفردة الوعي في المسرح، هي من العلامات البارزة في تاريخ «أبو الفنون» فهو أول الوسائل التي عرفها الإنسان للتعبير عن صراعاته الداخلية والخارجية، وهو وسيلة لتشكيل رؤية مغايرة للحياة، وهذا الوعي التصق بتاريخ المسرح منذ الإغريق والرومان.
ومنذ شكسبير والنظرة الثاقبة عند هذا الكاتب الكبير، اكتسب المسرح رافعة جديدة، حفزت الفنانين لتقديم نصوص أحدثت قفزة هائلة في الفن المسرحي، كتب شكسبير الكوميديا والتراجيديا وأعدها للإخراج المسرحي، فكان باكورة لوعي جديد يحفز خيالات المبدعين، بما ركز عليه من أعمال تكشف عن أحوال الصراع البشري وتلمس حقيقة الفرد ونوازعه وعلاقته بالسلطة والمجتمع من حوله.
انتقل هذا الوعي المسرحي إلى البلاد العربية، في كثير من الأعمال الجادة والرصينة وكانت فترة ستينيات وسبعينيات القرن الفائت، الفترة الأبرز في ولادة شكل مسرحي عربي من خلال الفريد فرج وصلاح عبدالصبور وسعدالله ونوس وغيرهم.
يعتبر ملتقى الشارقة للمسرح نافذة على تقديم خطاب نقدي ورسائل جمالية وفكرية، لذا، فإن المسرح وما يعكسه من رؤية جمالية وفكرية، هو أحد المحاور المهمة في الملتقى، وهذا يعيدنا إلى المهمة الأولى للجمالية المسرحية التي تأسست حوالي القرنين التاسع عشر والعشرين، والتي عرفت المسرح باعتباره فناً، وقد أتاح هذا المفهوم الجمالي حرية في تأثيث الفضاء المشهدي، الذي لا يكتفي بحرفية النص، وإنما يتجاوزها مستثمرا في كل العناصر من الديكور، والإضاءة، والممثل، والمؤثرات الصوتية.. إلخ.
حرص الملتقى على مناقشة محاور عديدة ترتقي بالثقافة المسرحية، وتركز على كثير من المضامين التي ترتفع بالذائقة الفنية عند الجمهور، وهو ما يبرز الدور الحيوي للمسرح، كأداة تواصل بين الثقافة الواحدة من جهة وعلى مستوى الثقافات المتنوعة والمختلفة، وهذا يضيء على «أبو الفنون» بوصفه وسيلة مرنة قابلة للتطور والتكيف، واستلهام متغيّرات العصر، ودراسة أبعاد تأثيره في المجتمع حيث تتزايد سطوة التكنولوجيا ووسائل الإعلام.
عني المسرح على الدوام، باستكشاف موضوعات ولغات جديدة في الفن المسرحي، وهو من المسائل التي ينشغل بها الملتقى لجهة تجربة نصوص جديدة تخرج الفن من سطوة وتقاليد الكلاسيكية.
وفي هذا الإطار ثمة اشتغال على العروض المسرحية التي تلبي ذائقة الأجيال الجديدة، وتخصب خيال الكاتب، وتعطيه إمكانات متعددة للتعبير، وفي هذا المقام نشير إلى الجهد المسرحي لكتاب بارزين، تم اقتباس أعمالهم التي عبرت عن الأزمة الوجودية لإنسان هذا العصر، وهو الذي أثرى العملية المسرحية باشتغالات من صميم اللعبة الفنية التي يبذلها المعدّ أو الدراماتورج، وهو جهد إبداعي، لا يقل عن جهد الروائي أو المسرحي، ناهيك عن تحويل السرد الروائي في العملية المسرحية بعدة طرق، مثل: المونولوج، الراوي، النص المرافق، الحوار، الصور البصرية والسمعية، وذات الأمر ينطبق على المكان الذي يتحول في المسرح إلى عدة أماكن أخرى متخيلة، كما يتحول الزمان كذلك بعدة طرق كترتيب الحدث ترتيباً تصاعدياً، أو استخدام تقنية الاسترجاع، أو استخدام الراوي.
نجح الملتقى بشهادة كثير من المختصين، في تفعيل العلاقة بين أكاديميات المسرح والساحة الفنية العامة، والاقتراب أكثر من مستجدات الواقع، واختبار راهن المسرح وعلاقته بما أنجز سابقاً، كما نجح في التعريف باتجاهات وأسئلة البحوث المسرحية، وعرف بالباحثين المشاركين، وأتاح لهم فرصة للتواصل والتعارف مع أقرانهم والفاعلين في الساحة المسرحية العربية.
من جهة أخرى فقد جذب الملتقى عشرات الباحثين في الوطن العربي، وناقش وما يزال أسئلة ثقافية وفنية واجتماعية مثل «التغيير» و«لغة المسرح» و«التاريخ» وسواها.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>