ضمن نشاط منتدى الثلاثاء أقيمت مساء أمس الأول في بيت الشعر بالشارقة ندوة حول (مجمع الشارقة للغة العربية) شارك فيها المستشار شعيب عبد الفتاح، والزميل الشاعر يوسف أبو لوز وقدمها الإعلامي نواف يونس، وحضرها محمد دياب الموسى المستشار التربوي في ديوان صاحب السمو حاكم الشارقة، والشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر، وعدد من المثقفين والإعلاميين. وقال محمد البريكي: «إن إقامة هذه الندوة في بيت الشعر بدائرة الثقافة والإعلام يأتي ضمن دور البيت في التفاعل مع كل المبادرات والفعاليات التي تهتم باللغة العربية والشعر، وهذه الهدية الغالية للعربية التي أساسها الشارقة، وراعيها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ، حفظه الله، تأتي ضمن رؤية الشارقة لحاضر ومستقبل الثقافة، ولذلك فقد سعينا إلى أن يكون بيت الشعر في الشارقة من أوائل من يحتفي بهذا المشروع لأنه يمثل مشروع أمة».
تحدث نواف يونس في بداية الندوة عن مجامع اللغة العربية، وأشار إلى أن مجمع اللغة العربية منذ إنشائه عام 1934م واجه العديد من الإشكاليات والتحديات، وقد أسهم في كشف أسباب تدهور مستوى اللغة ووضع الأسس والركائز لمواجهة ذلك. وأضاف: لعبت هذه المجاميع دورها الرئيسي في ترسيخ أسس الثقافة والهوية، وكانت ولا تزال هي الأساس المتين لتطورها، ولا يخفى علينا ما يعتري واقع هذه اللغة الأم في مجتمعنا العربي من إهمال وعدم اكتراث، ما أدى إلى ما نحن فيه من مستوى متدن، وهو ما يترتب علينا السعي والعمل على استمرار هيبتها ومكانتها، وقد أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من الخضوع لقيم الثقافات الأخرى، التي لا نرفضها، ولكننا نتعامل معها من خلال تمسكنا بشخصيتنا وهويتنا عبر لغتنا الأم. لذا نعتبر إنشاء مجمع الشارقة للغة العربية، إضافة جديدة وفاعلة لدور المجاميع العربية والتي تعمل مجتمعة على ربط اللغة العربية بحركة الحياة الاجتماعية والعلمية.
وجاءت مداخلة عبد الفتاح شعيب تحت عنوان «المعجم التاريخي للغة العربية.. مشروع أمة» أشار فيها إلى مبادرة صاحب السمو حاكم الشارقة التي أعلنها يوم 21 مارس 2016 بإنشاء وتأسيس مجمع الشارقة للغة العربية، كإضافة كيفية وليست كمية لما تقوم به مجاميع اللغة العربية المتعددة، وتتويجاً لأعمالها ومنجزاتها. وأوضح أن الهدف حدده سموه في كلمته والتي أشار فيها إلى أن ذلك المجمع سيتكفل بجميع احتياجات المجامع العربية أينما كانت وسيكون على رأس أولوياته القيام بتمويل إصدار القاموس اللغوي التاريخي وكل ما يتعلق به. ونوه بأن معجم اللغة العربية التاريخي يعد الأول من نوعه في تاريخ الأمة ولغتها العربية، فهو حلم أثير لم يتحقق بعد لآلاف من علماء وأساطين اللغة والمعجميين العرب. وأشار إلى مجموعة من الحقائق تتعلق بالمعجم منها: اللغة العربية هي اللغة العالمية الوحيدة التي لا تتوافر على معجم تاريخي مصنف على أسس علمية حديثة، وأن كل المحاولات لإنجازه لم تنجح. وأضاف: يتفق المعجميون على أن المستشرق الألماني «أوغست فيشر» (1865 1949م) حجة اللغات الشرقية، من عربية وعبرية وسريانية وفارسية وغيرها، هو أول من عرض فكرة وصنع قاموس تاريخي للغة العربية، في اجتماع للمستشرقين الألمان عام 1907م. يتناول فيه تاريخ كل كلمة، إلا هذا العمل الذي أعد منه المقدمة والجزء الأول لم يكتمل. وتابع: منذ ذلك اليوم توالت المحاولات لاستكمال المعجم، ولكنها لم تثمر بسبب ضخامة المشروع، وكثرة متطلباته المادية والبشرية والمدة الزمنية الطويلة التي يستغرقها. وأشار إلى أن المعجم التاريخي يسمى بالمعجم التأثيلي أو الإيتيمولوجي، وهو علم أصول الكلمات، وهو معجم يضم كل لفظ استعمل في اللغة. مؤكداً أنه ضرورة في معرفة أصول اللغة العربية وتطورها، ويساعد الباحثين على تقصي علاقة العربية مع اللغات الأخرى. إضافة إلى تمكين الأمة من فهم لغتها، وأضاف شعيب بتأكيده أهمية إصدار مجلة فصلية لرصد الإنجازات ضمن منهج علمي محكم لكل خطوات إعداد المعجم التاريخي للغة العربية، واختتم المستشار شعيب إلى ضرورة أن يصدر مجمع اللغة العربية في الشارقة مجلة تفصل وتوثق لكل ما يقوم به هذا المشروع الكبير.
وتناولت مداخلة أبو لوز مشروع الشارقة الثقافي وعلاقته وارتباطه واتصاله باللغة، لافتاً إلى أن هناك مخاطر كثيرة تواجه اللغة العربية فهناك لغات تسيطر وأخرى تهاجم وأخيرة تموت وتندثر. مؤكداً أن اللغة العربية كائن حي ومتجدد وقادر على التشظي والتعامل بمرونة مع كل جديد، وأن اللغة رافدة وملهمة للآخرين، ليجدوا في مائها ما يروي عطشهم، وأنها روح وذاكرة تحمل أرضاً ومكاناً، وهي نبض الحياة وأيضاً هوية وطريقة عيش.