الشارقة: محمدو لحبيب
أقيمت في قصر الثقافة بالشارقة مساء أمس الأول، الجلسة الشعرية الأولى ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للشعر الشعبي في دورته الرابعة عشرة وقد تتابع على منصة الإلقاء فيها خمسة شعراء، هم: محمد بن نهيول من الإمارات، ومريم العتيبي من السعودية، وثابت الدهام من الأردن وسعيد الحجري من عُمان والمنشد الشاعر محمد العراني من فلسطين، وقدم للأمسية الشاعر الأردني إبراهيم السواعير، وذلك بحضور الشاعر الإعلامي راشد شرار، وضيوف المهرجان.
استهل السواعير تقديمه بالتنويه بالجهد الكبير الذي تبذله إمارة الشارقة في ظل صاحب السمو الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، من أجل رفع مستوى حضور الثقافة، والكلمة الشعرية بشكل خاص وجعلها مؤثرة ومساهمة في بناء العقول العربية، وشكر باسم الشعراء ذلك الجهد، وكان أول الشعراء إلقاءً في الأمسية، الشاعر محمد بن نهيول الذي قرأ عدة قصائد بدأها بمآثر المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد، ثم تحول إلى الغزل فقرأ عدة قصائد، صاغ من خلالها معاني الغزل ببراعة وسلاسة وجاء بصور شعرية متميزة من قبيل
«على قيثارة ضلوعي، بعثر شتاتي، يطرب نسيم الورد»، ووصف في قصائده تلك، حيرته أمام صدود محبوبته وتمنّعها، بل وغفلتها عن ما يعتريه من لواعج الحب وآلام الحسرة، وقال ابن نهيول في قصيدة بعنوان «صباح الورد»:
صباح الورد وانت الورد كله
يا أجمل ورد قد شاقته عيني
صباح النرجس بزهره وفله
مندي في حمار الجنتين
وحبة خال تحرص وجنتله
على صفح اللجيني في اليميني
وجرد لي حسامه واستسلّه
وصوبني صوابا ما خطيني
غزاني بالرموش المستضلة
تقول فضل واحات السميني
تواعدنا على مطلوب حله
ف ليل خلو به العاشقين
صباح الورد وانت الورد كله
يا أجمل ورد قد شاقته عيني
صباح النرجس بزهره وفله
مندي في حمار الجنتين
وحبة خال تحرص وجنتله
على صفح اللجيني في اليميني
وجرد لي حسامه واستسلّه
وصوبني صوابا ما خطيني
غزاني بالرموش المستضلة
تقول فضل واحات السميني
تواعدنا على مطلوب حله
ف ليل خلو به العاشقين
الشاعرة مريم العتيبي قرأت هي الأخرى قصائد امتازت بسهولة اللفظ وقرب المعنى، وبدت من خلالها شاعرة متمكنة من الإيقاع، تسري الموسيقى في قصائدها، وقد تمحورت قراءاتها حول معاني الحب والعتاب والشكوى من تلون الحبيب، وصورت عنفوان المرأة المحبة، وشموخها وكبرياءها حين يجرحها الحبيب الذي يطعنها في الظهر، كما صورت ضعفها أيضاً حين تكافح من أجل حبها ثم تفاجأ بنكران الحبيب لكفاحها وعطائها من أجل الحب، وتخليه عنها فتصاب بالحسرة ولا تستطيع تحمل الصدمة، فتتحول إلى الشكوى وبث الأسى، ومن بين ما قالت:
كتبت الشعر لعيونك وحبوني
بدالك هم وكم ليلة تمنيتك
وهم بالعمر رادوني أنادي لك
أبي تفهم أبي بحضنك أنا التم
كان ثالث الشعراء إلقاءً في الأمسية، هو الشاعر ثابت الدهام، والذي امتاز بقدرات خاصة مزج من خلالها بين عدة لهجات عربية في نسيج شعري واحد، واستطاع بذلك تجسيد شعار المهرجان لهذه الدورة والذي هو «القصيدة الشعبية منصة للتواصل»، وأقام من خلال أشعاره تواصلاً بديعاً في أسلوبه، وبدت في شعره ومضات تصويرية جميلة تدل على اجتهاد وبحث مستمر عن الإبداع، كما اتسمت بعض أبياته بمسحة سخرية محببة، وقال في قصيدة (عيون ما تبكي):
لقيت الدمع في عيني وعيّت عزتي تبكيه
جميل الدمع في عيني عجبني يوم خليته
الم يلمع مع عيوني الم لكن صمودي فيه
عجبني وليد ما يبكي اذا للموت تلّيته
لقى موته مع الفرقا وهو يضحك ولا يعنيه
ولا صاح الولد قلبي تركني وراح من بيته
شجاع وما رضى الذلة و اذا قلبه نوى يضنيه
قطع قلبه من شروشه وقام يقول ملّيته
قرطه بدرب ما يرحم ولا غير الهوى يمشيه
وشافه ميّت وخلاه حرّم ما يجي ميته
وبدا الشاعر سعيد الحجري متمكناً من فنه، يعرف كيف يختار صوره من تراكيب الحياة وأحوالها المتنوعة، ويجعلها مواكبة للجديد، وكيف يؤلفها ويوزعها في ثنايا القصيدة، وبدا من خلال قصائده شاعراً بعيداً عن التقليد، حاضراً في معمعة الحياة اليومية بأساليبه وألفاظه وصوره التي يستخلصها منها ويعيد صياغتها لتبدو صقيلة جديدة، وقد استهل حضوره بتحية للإمارات والتعبير عن وشائج الأخوة بين الإمارات وسلطنة عُمان، وهي أخوة صلبة لا يزحزها شيء، ولا يمكن لعدو أن ينقضها، لأنها مبنية على المحبة، والتضامن في السراء والضراء، وقرأ في التأمل والغزل، يقول في قصيدة «وليده من رحم شبه المستحيل»:
الشمس من حنت سعف روس النخيل
أقفت تجر خيوطها فوق التلاع
واقفيت وأركون الشجر م لها ظليل
والشوف ينزل وارتفع حسن السماع
لوين م ادري، ساري تايه سبيل
من ضلعي لضلعي شعوري في صراع
أعزل سمين الفكر عن فكر هزيل
فكرا يجملني ف ذربين الطباع
دام القصيدة بنت شاعرها خليل
تحشم مثل ما تحشم أمات القناع
من حقها لا يكون شاعرها بخيل
ومن حق شاعرها عليها الانصياع
لا شبت الحمرا على راس الفتيل
تغير ع الوادي وتجي بروس السباع
المنشد الفلسطيني محمد العراني كان ختاماً للأمسية بصوته الشجي وهو يغني مواويل فلسطينية من إنتاجه، تعبر عن الشموخ الفلسطيني وعنفوان مقاومته وتشبثه بأرضه، وتستنهض الأخوة العربية للدفاع عن الأرض الفلسطينية، وقد أنشد عدة مواويل أطربت الحضور وتفاعلوا معها كثيراً.