«زايد في مهرجان الشعر الشعبي 2018» هو عنوان الندوة الفكرية الثانية التي عقدت صباح أمس في قصر الثقافة ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للشعرالشعبي، وشارك فيها 5 باحثين درسوا الخصائص الفنية في مجموعة من القصائد التي عكست صورة هذه الشخصية الملهمة وهم: الدكتور عبد المطلب الشرقاوي قدم ورقة بعنوان (زايد في مرايا الشعراء: نظرة الشعراء في الإمارات والخليج والوطن العربي للشيخ زايد)، ود. أحمد العقيلي (زايد قصيدة وطن: المواقف الاجتماعية والعربية والعالمية للشيخ زايد)، ود. أكرم قنبس (زايد بن سلطان عقل الأمة وحكيمها في مرآة الشعر الشعبي)، والشاعر خالد الظنحاني (بصيرة زايد مفتاح المستقبل)، والشاعر إبراهيم السواعير (زايد رحيق الأرض: الملامح الشخصية للشيخ زايد في الشعر)، وأدار الندوة الشاعر أشرف عزمي.
بدأت ورقة العقيلي بمقدمة تناولت المنجزات والمواقف الخالدة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، واستعرضت محطات عدة في مسيرته من حيث البدايات والنشأة، مروراً بولادة اتحاد الإمارات، وقال: «من يطالع سيرة الشيخ زايد يجد أنه لم يكن فقط قائداً حكيماً لشعب الإمارات وصانعاً لنهضة دولتها، بل كان أباً وملهماً للأمة جمعاء، فقد كان من أبرز القادة العرب، وأشدهم حكمة وبعد نظر، إضافة إلى أنه كان مثقفاً محباً للأدب والفكر من جهة، والتراث والشعر العربي وخصوصاً النبطي من جهة أخرى، وهو ما تجلى في عهده من حيث الاهتمام الكبير بالحركة الشعرية، وإقامة المهرجانات وتقديم الجوائز والدعم اللامحدود للشعر والشعراء».
كما استعرض العقيلي شخصية الشيخ زايد في عيون العرب والعالم، وقال: «حين نتحدث عن المواقف الخالدة للشيخ زايد، رحمه الله، نجد ونلمس -وبشهادة كل العرب- عظمة منجزاته السياسية الخالدة التي صاغها قلبه العروبي المؤمن».
أما خالد الظنحاني فبدأ ورقته بالتأكيد على أن الشيخ زايد كان شخصية قيادية مختلفة، لأن كنزها الحقيقي الإنسانية، ومحورها الأساسي مكارم الأخلاق المبنية على فنيّات القيادة، المترعة بالإحساس بالآخرين، ومعاناتهم، واحتياجاتهم، والقائمة على التجذر الوطني والعروبي بانتماء متأصل، وكان رحمه الله يهدف إلى بناء الحياة بأسلوب موسوعي ينطلق من البذرة الأولى (الإنسان) الذي إذا ما بُني من الداخل بشكل إيجابي، يُنتج مجتمعاً إيجابياً، ووطناً حضاريا.
وقال: «الشعر عموماً، والشعر النبطي خصوصاً، يمثل إحدى دعائم الثقافة العربية والخليجية، اهتم به الشيخ زايد، فلم يكن محباً للشعر والشعراء فقط، بل كان شاعراً مبدعاً، وله الكثير من القصائد المميزة بروحها ولغتها وجمالياتها ومضمونها واستمراريتها في الزمان والمكان».
ودرست ورقة الظنحاني عبقرية الشيخ زايد في بناء الإنسان، وإرثه العظيم الذي خلده، عبر المنجزات التنموية والحضارية الكبيرة من خلال القصائد التي خطها الشعراء من أصحاب السمو والشخصيات الرسمية ممن عايشوه عن قرب.
أما أكرم قنبس فتناول شخصية الشيخ زايد، رحمه الله، من منظور الشعر الشعبي، من حيث كون صاحبها حكيم الأمة وعقلها وسندها قولاً وفعلاً، ولا سيما أنه دأب وهو في سدة الزعامة على تقريب الشعراء إليه، دون تفريق بينهم، فكان يفسح المجال لهم في مجالسه في المناسبات الاجتماعية والرسمية جميعها، كما كان يستمع إلى قصائدهم وأشعارهم مباشرة ويتحدث إليهم في شؤون الحياة.
واستعرض قنبس المواقف العظيمة للشيخ زايد وحكمته السديدة، التي تركت أثراً بالغاً في النفوس والقلوب، سواء أكان ذلك على مستوى الشعب، أم على مستوى القادة والحكام.
ودرس قنبس الكثير من القصائد التي تناولت هذه الشخصية الملهمة، واستشهد بكلمات لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي استذكر الشيخ زايد بكلمات مؤثرة حال تسلم سموه لجائزة شخصية العام الثقافية لجائزة زايد للكتاب عام 2010، ورأى من خلالها أن رؤية مؤسس دولة الإمارات تعد منهجاً ينبغي للآباء والأمهات أن يضعوه نصب أعينهم عند تربية أبنائهم.
وقدم إبراهيم السواعير ورقة تضمنت 26 أنموذجاً شعرياً شعبياً، ودرست خصائص أشعار المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كما قرأ جماليات هذه الخصائص وقسمها إلى شخصية وبيئية وأسرية، مسلطاً الضوء على عدة صور فنية، توشت بها هذه القصائد.
وقسم السواعير هذه الخصائص عدة مسارات منها: المسار السياسي، أو مسار الوحدة، وهو مسار تغنى به الشعراء، لوعيهم بمشروع توحد الإمارات السبع في دولة قوية، أما المسار الثاني فيتعلق بالبناء والنهضة والاهتمام الشديد بتشييد البنية التحتية، وواكبت قصائد الشعراء هذا المسار بصورة فنية لافتة في المقابلة بين الرمل والورد وغير ذلك من الابتكارات الشعرية.
أما المسار الثالث فيرتبط بدعم الشيخ زايد رحمه الله، للعرب من خلال تبنيه لعدة مشاريع تنموية وثقافية، وفي المسار الرابع درس السواعير الأشعار التي سلطت الضوء على القضايا العربية والقومية وبالأخص قضية فلسطين.
أما عبد المطلب الشرقاوي، فبدأ ورقته بدراسة الملامح الفنية لقصائد المديح والرثاء، اللتين تشتركان في تعظيم دور الشيخ زايد، وتتضمن عدة محاور تدور حول الصفات الأخلاقية من الكرم والعطاء والشجاعة والفروسية، وحب الشيخ زايد رحمه الله لشعبه، كما تدور حول المواقف العملية التي قام بها لهذا الشعب من التشييد والبناء والتعمير وقال: «إن قصائد المديح تتحدث أكثر عن الآمال والمستقبل العظيم الذي سيتحقق على يد الشيخ زايد، في حين تتحدث قصائد الرثاء عن الخسارة الكبرى التي لحقت بالوطن بفقد المغفور له بإذن الله».
وقال: «لعب الخيال دوراً في رسم صورة بهية براقة للشيخ زايد، ولوحظ أن الصور التي رسمها الشعراء تدور في إطار المعاني والقيم التي يتصف بها ويمثلها، وربما كان لعظمة مكانته النصيب الأكبر في جذب أنظار الشعراء».
الشارقة: عثمان حسن