يستدعي زمن التطور اليومي والذي نعيشه اليوم ابتكار وظائف جديدة لديها القدرة على توظيف مؤهلات وقدرات الموهوبين وغير الموهوبين للمشاركة في تنمية المجتمع بثقافة مستقبلية مبتكرة، والمساهمة في الوقت نفسه بدعم توجهات الحكومات في تنويع مصادر الدخل والاستفادة من نجاحات العالم في الاعتماد على الموارد البشرية.
وربما تكون وسائل التواصل الاجتماعي قد بدأت هذا التغيير من دون سابق إنذار أو حتى توقع من مبتكريها، والذين بدأوا ابتكاراتهم من نقطة تواصل اجتماعي وانتهوا اليوم إلى خلق عالم جديد فيه وظائف ومصادر معرفة ومبتكرات أفرزت العديد من المؤسسات التي تقدم خدمات لا تعد ولا تحصى.
ومع هذا التغيير أصبح الكثير من الأمور بحاجة إلى إعادة نظر وخصوصا فيما يخص الخدمات الثقافية المقدمة للمجتمع والتي كان الجمهور فيها مجرد متعامل في السابق وأصبح اليوم مديرها ومالك مؤسساته الخاصة القادرة على أن تبث ما تشاء ومتى ما شاءت.
ومع هذه التغيرات الجامحة والتي قلصت من مساحة الاعتماد على الثروة المادية بهدف بناء المستقبل برز دور الموهوب والذي بات اليوم قادراً على إبراز نفسه وتقديم إبداعاته.
وهذا يعني أنه بات على المؤسسات الثقافية بالتالي السعي نحو ابتكار وظائف جديدة لنفسها وأنشطة مبتكرة لدعم الغرض من وجودها، وكي تحافظ على دورها في المجتمع.
ويبدو أن المؤسسات الثقافية بحاجة إلى المزيد من الابتكار من أجل تقديم ما يرضي جمهوراً لم يعد متعطشاً للفعاليات التي لا تخدم تطلعاته أو تبرز قدراته الشخصية.
فماذا فعلت هذه المؤسسات الثقافية في مجال ابتكار وظائف ثقافية تسمح لهؤلاء الموهوبين بالبقاء في ساحة العمل وتتيح لهم فرص كسب المال لتأمين مستقبلهم ودعم الاقتصاد في الوقت نفسه ؟، وهل تمكنت هذه المؤسسات من قراءة المستقبل الثقافي الواقعي للموهوبين والذي لم يعد بحاجة إلى المزيد من القوانين التقليدية بقدر حاجته إلى قوانين مبتكرة تساعد على حماية الموهوب وصقل مهاراته وإبرازه بعد اكتشافه ؟، وهل سعت المؤسسات الثقافية بالفعل لمواكبة العصر والثورات التقنية الجديدة في المجال الثقافي بدءا بالاستماع إلى آراء هؤلاء الموهوبين أنفسهم لمعرفة متطلباتهم واحتياجاتهم الواقعية لتطوير أدواتهم؟ وهل تكفي إقامة الملتقيات التي لا تتضمن الموهوبين أنفسهم رغم أنها اجتماعات للبحث في شؤونهم والقضايا التي تخصهم، في تسليط الضوء على ما ستفعله المؤسسات الثقافية اليوم من أجل موهوب المستقبل؟.
basema.younes@gmail.com