تواصلت أمسيات مهرجان الشارقة الرابع عشر للشعر الشعبي أمس الأول في مسرح أبوظبي بكاسر الأمواج، مشتملةً على قراءات شفيفة عتابيّة، شارك في الأمسية سيف بن طميشان (الإمارات)، وعبدالعزيز الباكر (البحرين)، ورجاء الشّابي (تونس)، ورحاب السّعدي (عُمان) ونيفين الطويل (مصر)، وأدارها الشاعر إبراهيم السواعير، وحضرها راشد شرار مدير المهرجان.
استهلّ السواعير الأمسية بأشعار لراشد شرار، جاء فيها «سرّ الهوى يحتاج أحيان تحليل/ أرجوك عَطني يا اريش العين فكره/ لا لا تخليني على جاري السّيل/ ظامي ولا اقدر أرتشف منك قطره/ خذني لقطرات الندى معك منديل/ إن شئت مررني على خدّ زهره/ وان نمت صحّيني برنّة خلاخيل/ أموت والقى للرضا منك نظره».
لينتقل بعدها إلى التعريف بالشعراء، الذين تقدّمتهم نيفين الطويل، والتي قدمت في البداية لوحة غنائية؛ دويتو مع الفنان هشام عبد الغني بعنوان «اسمك ملاك وصفك بشر» تغنى فيها بمناقب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،طيَّب الله ثراه، وقد غلب على قراءة نيفين العمق الفلسفي المهتم بالبحث عما في ثنايا الذات، باللهجة العاميّة المصريّة، حيث كان الجمهور مع شاعرة انطلقت في سخريتها وأدبها الموشّى بالعتاب من مفردات النيل وأرض مصر، مثلما ظلّت تفرح بقصائد عاينت فيها الكينونة والكون والطبيعة والحياة، وظلّت تتأمّل كثيراً، باعتبار الشعر العاميّ المصري يحتاج تأملاً من نوعٍ خاص في نوافذ وأبواب على مقاصد الشاعرة التي يكفي أن تقرأ لها قصيدةً واحدةً لتقف على صور وذهنيات «العجوز والبحر» و«السمكة المعطوبة»، و«الشاعرة التي تشتري من زراق البحر» تقول: «الدفّة متمرّدة والّا هيَّ مغلوبه/ والا الهدف مقتلي/ أنا العجوز يا بحر وانتَ الولي».
ثاني القراءات كانت مع سيف بن طميشان الكعبي، القائل «تلعْثَمْتْ من شِفْتَه ولا ادري سرحت لوين/ وانا اقول يا رب احفظه باهي الصّوره/ أناظِرْهْ والدّمعة بسيطة على الوافين/ أَيَا كُبْرَه ف صدري والأعماق مستورة.. فَيَا كمْ من دمعة كئيبة على الخدين/ ويا كمْ ليله تجمع الحزن بحضوره...». وقد تفاعل الحضور مع صور الشاعر عاشق الشعر الذي نشأ على الموهبة الفطريّة، وبدأ يكتب الشعر منذ الخامسة عشرة من عُمره، فكان الشاعرَ الهادئ الواثق، مثل كلّ الشعر في الإمارات، الذي يظلّ يشبه البحر، يحسبه المتلقي على ضفافه هيّناً وهو ذو أعماقٍ وأغوارٍ بعيدة تحتاج إلى معرفة بأسرار هذا البحر.
أما ثالث القراءات فكانت مع عبدالعزيز الباكر الذي قال: «خِذْ بقايا الدّمع والشوق مع قلبٍ حزين/ والّا تدري، خذ بقايا السعادة يا هواي/ ما بقى لي غير حبٍّ يغذّيه الوتين/ وبسمةً متحنّية بالأمل واصدق وفاي/ شف زوايا خافقي شاحبه والله يعين/ والسهر في محجر العين والدّمعه عناي/ شف سكون الليل مع وحشة الخوف الدفين/ والمحاني جرهدٍ والشّجن عزّاف ناي».
وفي قراءة لشاعرة تونسيّة ذات ثقافة عالية، كان الجمهور مع بنت توزر في الجنوب التونسي رجاء الشّابي، فهي، وعلاوةً على أنّها سليلة عائلة الشّابي التي ينتمي إليها شاعر«إذا الشعب يوماً أراد الحياة/ فلا بدّ أن يستجيب القدر»أبو القاسم الشّابي، فهي أوّل امرأة تونسية وعربية - كما تقول سيرتها الذاتيّة - تحصل على رتبة جنرال في الأمن، أما الأمر الآخر اللافت لدى هذه الشاعرة فقد كان في أنّها كتبت منذ طفولتها الشعر بالفرنسيّة، ثمّ بدأت منذ سنّ الخامسة عشرة تكتب أشعارها الفصيحة والشعبيّة، لتطوّف بالجمهور في تشكيلة من الإنسانيات والوطنيات والوجدانيات، فبدت عليها ثقافة الشعر العالميّة ظاهرة للشابي المهتمة بترجمة النصوص الشعريّة، وأصدرت عام 1998 ديوانها الأول بالفرنسيّة «أخطاء العقل»، لتتوالى دواوينها «بالأبيات وضدّك» و «الشعر والحقوق»، و«كوكب الرجاء»، لتعكف على ديوان قيد التحضير «تونس حرّة، ولا أنا أيضاً».
من جهتها قرأت رحاب السعدي مجموعة نصوص منها قصيدة «جو المطر» التي تقول فيها:
حرام الجو يمطر له بدوني
عضلني الوقت لاشواقٍ نثرها
حبيبي من صويبات الظنوني
امنّي النفس واتشفى بحرها
حبيبي والمطر ما قد نسوني
واحاتي اشوق في صدره يسرها
أحيده من الصبر صاين غصوني
واحيده من الرجا يطلب عذرها
ف عينه من يناظرها عيوني
يموت الوقت ويقدّر قدرها
ي ليت الجو لو ينشد جنوني
متى تسمح ظروفٍ انتظرها؟
ومثلما بدأ مدير الأمسية بقصائد للشاعر شرار، فقد ختم بقصائد له، منها قوله «سمعت دقّ الباب قلت افتح الباب/ يمكن مشرّفني من البعد زاير/ لِبِسْتْ من حبّي على ثيابي ثياب/ كود ان لاقيني محمّل بشاير/ فتحت بابي أثره الباب كذّاب/ ما شفت إلا الحب مدرك وحاير... مدري أصكّ الباب أو أفتح الباب/ يا ليت ألقالي من الناس شاير» 5 توقيعات
شهد ركن التوقيعات في المهرجان توقيع كل من الشاعر الإماراتي فهد بن غراب المري ديوانه الذي يحمل عنوان «شبيه الصبح»، والشاعر عايد خلف الرشيدي ديوانه «قبل أن أنسى»، والشاعرة السعودية النجلاء - روز العبد الله ديوانها «وجه الايام»، والشاعر عبد الله خالد الخالدي من البحرين ديوانه «جود»، والشاعر السعودي أحمد الجريفاني ديوانه «نبض الحروف» وقد ضمت الدواوين التي تم توقيعها عدداً كبيراً من اللوحات الشعرية المتنوعة.
أبوظبي: نجاة الفارس