Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

بيرل باك.. عاشقة «الطفلة التي لا تنمو أبداً»

$
0
0
القاهرة: «الخليج»

تقمصت «بيرل باك» مؤلفة «الأرض الطيبة» في روايتها «الطفلة التي لا تنمو أبدا»، والتي صدرت طبعة جديدة منها عن دار آفاق للنشر والتوزيع في القاهرة، جسد محامية فذة، وتصدت للدفاع عن قضية طفلة، تمثل مئات الألوف من الأطفال الذين يولدون بقصور عقلي، وهم في طور الطفولة، ويبلغون مبلغ الرجال والنساء أجسادا، وتظل عقولهم كما كانت، عقول أطفال.
لم تبسط «بيرل باك» قضية هؤلاء الأطفال الأبرياء وحسب، ولا روت تعاستهم المحزنة، لكنها كذلك شرحت لنا بمنطق يقطر أسى ومرارة، ما الشيء الذي يتحتم علينا أن نفعله أو نقوم به، لتوقي ما يمكن توقيه من أسباب البله المبكر، ثم علاج هذه الحالة، حتى نوفر قسطا من السعادة، التي هي من حق هؤلاء الأطفال، كما هي من حق سائر الأطفال، ويساعد على إنقاذهم من براثن الإهمال والقسوة.
إن وجود طفل من هؤلاء الأطفال في بيت - كما تقول المؤلفة - هو امتحان لفضيلة الصبر في الإنسان، فالأم لا تستطيع أن تبتسم عندما تنظر إلى ابنها هذا، والأب يشيح عنه بوجهه كلما رآه، والمدرسة ترتبك من وجوده، وإذا مات الوالدان أو عجزا عن العناية بالطفل، أو نبذه المعلمون، اندفع إلى العالم بغير معين، يحدث فيه الخراب والاضطراب والتدمير، عن طريق صيرورته آلة في يد أشخاص آخرين، أشد منه مهارة وذكاء، ثم تنتهي به الحال إلى التردي في مهاوي الجريمة، لا يفقه ما يعمل، وهو في الواقع من تبعاتها بريء.
تقول مقدمة هذه الرواية: «لن يجد قارئ هذه القصة فيها عددا كبيرا من الأشخاص الذين تعود أن يلقاهم على صفحات القصص والروايات، ولن يشهد كثيرا من ذلك الصراع الذي تعود أن يشهده بين أبطال القصص وبين الأحداث والمقادير، لكنه مع ذلك سيعثر فيها على نبع جياش بالعاطفة الإنسانية، والبر والرحمة والإصلاح الاجتماعي ينبثق من قلب أم منكوية، وقلم كاتبة موهوبة، جمعتهما محنة من محن الحياة في شخص امرأة واحدة، هي بيرل باك مؤلفة رواية «الطفلة التي لا تنمو أبدا».
قامت بيرل باك بتأسيس جماعة «التفاهم بين البشر» سنة 1941 ومؤسسة رعاية الأطفال المولودين في أمريكا من آباء آسيويين سنة 1949، وبهذه القدرة الأدبية الفذة، والروح الإنسانية السمحة اتخذت باك من مأساتها الخاصة في طفلتها وسيلة للدفاع عن قضية مئات الألوف من الأطفال.
ولدت بيرل باك في 26 يونيو/‏حزيران سنة 1892 بولاية فرجينيا من أبوين أمريكيين، مبشرين، هاجرا بها وبإخوتها، وهي طفلة إلى الصين، ففقدا هناك كل أولادهما عدا اثنين كانت أحدهما «بيرل باك»، التي قضت أولى مراحلها التعليمية في شنجهاي، وفي السابعة عشرة من عمرها رحلت إلى أوروبا وإنجلترا، ثم عادت إلى موطنها الأول في أمريكا حيث تلقت تعليمها الجامعي هناك، ثم تزوجت من مبشر أمريكي، ورحلت معه إلى مدينة بشمالي الصين، عاشت معه فيها خمس سنوات، واشتغلت بجامعتها مدرسة للغة الإنجليزية، وأنجبت خلال إقامتها بالصين طفلتين كانت إحداهما هي الطفلة التي تدور حول مأساتها قصة الطفلة التي لا تنمو أبدا، كما أنها كتبت في هذه الفترة قصتيها المعروفتين «ريح الشرق وريح الغرب» و«الأرض الطيبة»، التي نالت بها جائزة بوليتزر للأدب.
ظهرت بيرل باك خلال الحرب العالمية الثانية كمحامية متحمسة لقضية المساواة الاقتصادية والسياسية بين البيض والسود في شتى بقاع العالم، وتقول عن نفسها: «إنني لا أستطيع أن أتذوق السعادة إلا بكتابة الروايات، سواء قرئت أم لم تقرأ، فإنني واحدة من أولئك البشر التعساء الذين لا يشعرون بأنهم يؤدون عملاً إلا إذا أغرقوا في الكتابة أو التفكير فيما كتبوا أو الاستعداد للكتابة بشيء جديد»، ولذلك منذ أن أصدرت روايتها الأولى عام 1929 لم يكن يمر عام إلا وتصدر فيه رواية، ومنها «الثائر الصغير»، و«القصة الصينية»، التي نالت عنها جائزة نوبل للآداب سنة 1939.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>