ورغم أن بعضهم يعرفون الهواية على أنها عمل آخر يقضون به على أوقات الفراغ بهدف تسلية النفس والترويح عنها بما هي شغوفة به، لكنها وهو الأصح العلاج الأول للروح لأنها تبعد الإنسان عن الكثير من الأفكار السلبية والمشكلات المجتمعية التي من أولاها الأمراض النفسية والجسدية، عدا عن أن الهواية تمنع الإنسان من الوقوع ضحية مفاسد الدنيا وهي دائماً وأبداً المحفّز الأول والأخير للعمل الوظيفي وإتقانه في أي مجال كان.
ولو أدرك الناس بمختلف فئاتهم العمرية والفكرية والعملية معنى الهواية وأثرها وتأثيرها في حياتهم لما توقفوا عنها ولا تراخوا أو تكاسلوا في البحث عن الهواية التي يمكنهم ممارستها لأنها تشد انتباههم ولأنها تملؤهم بحب الحياة وتعزز رغباتهم في النجاح وطموحاتهم في التطور.
وثقافة ممارسة الهواية التي يمكن أن تبدأ من أبسط الأمور وتنتهي بأعظمها، هي الأمر الوحيد الذي يمكن لأي إنسان النجاح فيه من دون القلق على نتائجه أو عواقبه ومن دون حساب الأرباح أو الخسائر فيه فالهواية تريح القلب ولا تضره بأزمات التفكير والقلق على نجاحها أو فشلها وهي مدخل مهم لتطوير الذات وصقل الثقة والاعتزاز بالنفس واكتشاف المقدرات الخفية.
كما أن الهواية هي أول مكتشف للمواهب وهي أول محفز على استدراج الكفاءات وإظهار القدرات والكشف عما يحمله الإنسان من طاقات هائلة وكامنة لم يتمكن من استخراجها في أي مجال آخر وهي أول من يقرب الناس ويربطهم بالعلاقات الوطيدة وهي المبادرة الناجحة التي لا تقدم ولا تتغير ولا تنتهي صلاحيتها.
ومن الهواية إلى الاحتراف، قصص عديدة وكثيرة، صنعت لأصحابها تاريخاً مجيداً وحققت لهم نجاحات هائلة لأنهم شغفوا بعملهم ولأنهم تمكنوا من تطويره بأنفسهم وبرغباتهم الصادقة. ومع هذا فإن الهواية الأجمل هي التي تبقى هواية ولا تتحول إلى عمل، كي لا تفقد مصداقيتها وشفافيتها ولكيلا تتحول إلى نتائج وتدخل ضمن مؤشرات أداء وأهداف استراتيجية.
وكما نجحت الإمارات على مدى أعوام في إطلاق عام جديد مبتكر ومتميز بتنفيذه وجماهيريته، وكما تمكنت من تطوير بنية تحتية هائلة لتحقيق وتسهيل هوايات المواطنين والمقيمين فيها، فهي قادرة على إطلاق «عام الهوايات» الذي سيعرف العالم على ما تجمعه الإمارات من الهوايات قديمها وجديدها أسفل مظلتها وعلى أرضها، ولنستكشف ما حولنا وبيننا من هواة يعتبرون درراً ثمينة من الأفكار وأوعية من الإبداعات التي لم تظهر للعالم ولم يعرفها الجميع بعد.
باسمة يونس