Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18107

مدرسة «ابن يوسف».. روعة الزخرفة

$
0
0
الشارقة: غيث خوري

تعد مدينة مراكش أحد أهم المراكز التي لعبت دوراً تاريخياً وحضارياً بالغ الأهمية في المغرب العربي، فكانت عاصمة لدولة المرابطين والموحدين والسعديين، الذين جعلوا منها تحفة عظيمة ومركز استقطاب اقتصادي ومعرفي، وتقع في هذه المدينة مجموعة من أبدع الآثار الإسلامية والتي تدلل على طرز الفن الإسلامي في بلاد المغرب.
وتعتبر مدرسة ابن يوسف من أجمل المعالم الأثرية الإسلامية في مدينة مراكش، وأحد أهم الصروح المعمارية فيها، حيث شكلت على امتداد أربعة قرون معقلاً للعلماء ومقصداً للطلاب الباحثين عن العلم والمعرفة في مختلف العلوم، ويعود تاريخ بناء مدرسة ابن يوسف إلى الفترة الممتدة ما بين سنتي 1564 و1565، في عهد السلطان السعدي عبد الله الغالب، وقد أرجع بعض المؤرخين بناء هذه المدرسة إلى فترة حكم المرينيين، إلا أنه بعد اكتشاف مجموعة من النقوش داخلها، رجح الباحثون عودتها إلى حكم السعديين.
وقد أسهم السعديون في بناء مدارس صغرى مضافة إلى المساجد أو الزوايا، ومنها هذه المدرسة التي تستمد اسمها من الجامع المجاور لها، والذي بني في عهد المرينيين. وتحظى هذه المدرسة بأهمية بالغة، نظراً لموقعها بساحة ابن يوسف، التي تحمل دلالة تاريخية كبيرة، فضلا عن كونها النواة الأصلية لمدينة مراكش، حيث أعاد السعديون الحياة لهذا الحي ببنائهم للمدرسة ذات الشكل المربع بمساحة إجمالية تبلغ نحو 1680 متراً مربعاً.
ومن أهم مميزات المدرسة تناسق عمارتها وروعة زخرفتها، وهي تتكون من الداخل من صحن أوسط مكشوف يحفه من الجانب الجنوبي إيوان القبلة، ومن جوانبه الثلاثة الشرقية والغربية والشمالية ثلاث ظلات تحمل جميعها حجرات وسكن الطلاب.
وباب المدرسة مغطى بالبرونز المنقوش حيث يتم الولوج إلى الداخل عبر ممر مغطى بسقف يضيء المكان من خلال مجموعة من الفتحات، وتقع قاعة الوضوء في أول الممر الغربي وهي حوض مربع الشكل يستعمل للوضوء تغطيه قبة جبسية مدعمة بأعمدة رخامية، أما الطابق العلوي فتوجد فيه حجرات الطلبة التي يبلغ عددها 132 غرفة.
ومن بين خصوصيات المدرسة وجود ممرين يحيطان بالساحة المركزية ويؤديان إلى سبعة صحون صغيرة توجد بها حجرات الطابق السفلي، ويعيد الطابق العلوي تصميم الطابق السفلي في أغلب التفاصيل تقريباً.
وفي الجهة الوسطى من الواجهة الشمالية يوجد بيت الصلاة، المكوَّنُ من ثلاث بلاطات عرضية يفصلها صفان من الأعمدة الرخامية، وهي بلاطات جانبية تتوافر على خزانات خشبية كانت تستعمل، في السابق، كمكتبة خاصة بنزلاء المدرسة، ويكشف المحراب عن زخارف بديعة، ومواد متنوعة، تعبر عن غنى ورعة هذا الصرح المعماري، مثل الرخام والخشب والجبس بأشكال مختلفة الألوان، ويشكل المحراب المزود بشرفات خماسية الأضلاع قوساً تاماً مدعماً بأربعة أعمدة صغيرة من الرخام تُغطيه قبَّة صغيرة من المقرنس بالجبس.
وتعتبر مدرسة بن يوسف تحفة معمارية، لما فيها من نقوش وزخارف، ولما استخدم فيها من مواد، كخشب شجر الأرز المجلوب من منطقة الأطلس والموجود في كل أنحاء المدرسة في القباب وقاعة الصلاة وسقوف الممرات، والرخام الإيطالي الذي استعمل في أعمدة قاعة الصلاة والمحراب وقاعة الوضوء، والجبس الذي استخدم في النقوش التي تغطي واجهات الفناء وقاعة الصلاة، والفسيفساء بألوانها وأشكاله الهندسية وتقنياتها المختلفة والموجودة أسفل الجدران والأعمدة.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18107

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>