هل يتبرأ الشاعر من نصوصه القديمة التي عبرت عن مرحلة من مراحل حياته كان خلالها يتبنى أفكاراً معينة؟ هل من حقه فعلاً أن يلقي على الناس بياناً أو تصريحاً، يعلن فيها انتهاء فترة صلاحية تلك الأبيات والأشعار، كونه قد تبنى موقفاً جديداً، أو فكراً جديداً وتجاوز القديم الذي كان له فضل إنتاج ذلك الشعر؟ كثير من الشعراء يفعلون ذلك، لا يكتفون بإلقاء قصائدهم القديمة في سلة النسيان، بل يطلبون من الناس أن لا يتعاملوا معها، والأنكى من ذلك أن بعضاً منهم يقوم بتنقيح قصيدة، يحذف منها أبياتاً ويضيف إليها أبياتاً جديدة أو كلمات أو تعبيرات، ثم يطالب المتلقي بنسيانها.
لا شك أن التغيير هو الثابت الوحيد، وأن البشر يتغيرون وتتغير مواقفهم تبعا لمتغيرات كثيرة تعتمل في الخارج وفي داخله، وهي عملية قديمة فكثيراً من شعراء العرب الأقدمين كانوا يلقون القصيدة ونقيضها، يهجون أحدهم حتى إذ رضي عنهم وفروا له قصيدة مدح ليعتذروا فيها عن تلك القديمة، لكننا نردد القصيدتين معاً. هذا شأن الشاعر ومن شأنه كذلك أن يعدل أو أن يحذف قصيدة كاملة من ديوانه، أن يسقطها من ذاكرته، ولكن ماذا عن المتلقي، هل من حق الشاعر أن يفرض ذلك الجرح والتعديل على القارئ، هل من حقه أن يفرض على القارئ تبني تجربته الجديدة وأن يتحد معه وجدانيا ليعايش ذلك التغيير الذي طرأ عليه؟، وهل هذه الأسئلة التي نطرحها هنا تحوم مجدداً حول «موت المؤلف»؟ الحقيقة لا، فالمؤلف لم يمت ونصوصه هي التي تنكر خبر نعيه المتعجل، فهو حاضر فيها ولا فكاك بين المؤلف ونصوصه، صحيح أن هنالك سياقات تحكم النص، لكنها لا تقود بأية حال إلى نفي المؤلف، ولكن بالطبع للقارئ ذائقته الخاصة، وله موقفه الفكري والفلسفي المختلف والخاص، فالنص الشعري يخرج من تجربة الشاعر إلى تجربة القارئ، إلى طقس المتلقي الخاص وتأويلاته المتعددة التي ربما لا تخطر حتى على بال صاحب النص الشعري الأساسي.
لقد قامت نظريات القراءة الحديثة على إعادة بعض الحقوق للقارئ والمتلقي عامة في الفهم والتفسير والتأويل، ولا شك أن علاقة جديدة تنشأ فور خروج القصيدة من شاعرها، علاقة التلقي التي تتوفر فيها تجربة مختلفة عن تجربة الشاعر، بالتالي سيتحول النص نفسه وفقا لتلك القراءة وسيختلف ومن الصعب إعادته لتجربته الأولى، إن المؤلف لا يموت لكن العلاقة بين المؤلف والقارئ تتحول إلى علاقة مبدعين ميدانها «النص الشعري»، فالنص نفسه يخضع لقراءات متعددة في اتجاهاتها، من قبل متلقين مختلفين في تكويناتهم الوجدانية والثقافية والفكرية، يقبلون من خلال هذا الاختلاف على النص، لذلك تتعدد قراءات النص، وتتجدد بتعدد قرائه ووجهات النظر فيه، لذلك فإن النص القديم المحذوف أو المنقح لا تنتهي صلاحيته لمجرد إعلان ذلك من صاحبه.
لا شك أن التغيير هو الثابت الوحيد، وأن البشر يتغيرون وتتغير مواقفهم تبعا لمتغيرات كثيرة تعتمل في الخارج وفي داخله، وهي عملية قديمة فكثيراً من شعراء العرب الأقدمين كانوا يلقون القصيدة ونقيضها، يهجون أحدهم حتى إذ رضي عنهم وفروا له قصيدة مدح ليعتذروا فيها عن تلك القديمة، لكننا نردد القصيدتين معاً. هذا شأن الشاعر ومن شأنه كذلك أن يعدل أو أن يحذف قصيدة كاملة من ديوانه، أن يسقطها من ذاكرته، ولكن ماذا عن المتلقي، هل من حق الشاعر أن يفرض ذلك الجرح والتعديل على القارئ، هل من حقه أن يفرض على القارئ تبني تجربته الجديدة وأن يتحد معه وجدانيا ليعايش ذلك التغيير الذي طرأ عليه؟، وهل هذه الأسئلة التي نطرحها هنا تحوم مجدداً حول «موت المؤلف»؟ الحقيقة لا، فالمؤلف لم يمت ونصوصه هي التي تنكر خبر نعيه المتعجل، فهو حاضر فيها ولا فكاك بين المؤلف ونصوصه، صحيح أن هنالك سياقات تحكم النص، لكنها لا تقود بأية حال إلى نفي المؤلف، ولكن بالطبع للقارئ ذائقته الخاصة، وله موقفه الفكري والفلسفي المختلف والخاص، فالنص الشعري يخرج من تجربة الشاعر إلى تجربة القارئ، إلى طقس المتلقي الخاص وتأويلاته المتعددة التي ربما لا تخطر حتى على بال صاحب النص الشعري الأساسي.
لقد قامت نظريات القراءة الحديثة على إعادة بعض الحقوق للقارئ والمتلقي عامة في الفهم والتفسير والتأويل، ولا شك أن علاقة جديدة تنشأ فور خروج القصيدة من شاعرها، علاقة التلقي التي تتوفر فيها تجربة مختلفة عن تجربة الشاعر، بالتالي سيتحول النص نفسه وفقا لتلك القراءة وسيختلف ومن الصعب إعادته لتجربته الأولى، إن المؤلف لا يموت لكن العلاقة بين المؤلف والقارئ تتحول إلى علاقة مبدعين ميدانها «النص الشعري»، فالنص نفسه يخضع لقراءات متعددة في اتجاهاتها، من قبل متلقين مختلفين في تكويناتهم الوجدانية والثقافية والفكرية، يقبلون من خلال هذا الاختلاف على النص، لذلك تتعدد قراءات النص، وتتجدد بتعدد قرائه ووجهات النظر فيه، لذلك فإن النص القديم المحذوف أو المنقح لا تنتهي صلاحيته لمجرد إعلان ذلك من صاحبه.
علاء الدين محمود