الورش المسرحية هي إحدى أهم الآليات التعليمية والتدريبية لتطوير أداء المسرحيين والوصول بهم إلى درجات الإتقان. وفي الإمارات حيث لا يوجد معهد مسرحي، اتخذت الورش منذ البدء شكل أداة التعليم الوحيدة التي تقدم مبادئ هذا الفن، وتأخذ بالهواة في سبيل يصل بهم إلى الاحتراف، وقد وعت المؤسسات المشرفة على الثقافة هذه الضرورة، فاستدعت الخبراء المسرحيين من الوطن العربي لوضع خطط لترسيخ المسرح وإقامة ورش فنية يستفيد منها الهواة.
في بداية حقبة الثمانينات نظمت أول دورة تدريبية متكاملة لعناصر العرض المسرحي أشرف عليها المخرج المنصف السويسي، وأقيمت في قاعة إفريقيا في الشارقة، واستفاد منها العديد من الرواد الذين انطلقوا بعد ذلك يؤسسون لحركة مسرحية إماراتية متسعة، وكما كان للخطط التي وضعها صقر الرشود والورش التي قدمها أثر بالغ في الحركة المسرحية، وظلت الورش عنصراً أساسياً في عمل الفرق سواء بالتعاون مع المؤسسات الثقافية الرسمية التي كانت تستدعي مرشدين ومدربين عرباً للإشراف على تدريب منتسبي هذه الفرق، أو بالجهود الخاصة للفرق نفسها، وكان الدور الحاسم في ترسيخ قيمة الورش ونشر الاستفادة منها، هو ما قامت به أيام الشارقة المسرحية، التي رسخت عادة ستصبح بعد ذلك ثابتة لدى برنامج المهرجانات الإماراتية التي ظهرت لاحقة، فقد تبنت أيام الشارقة إقامة ورش تدريبية قبل وأثناء المهرجان من أجل تعميق قدرات المسرحيين وتزويدهم بأسس العمل المسرحي، وكان لهذه الورش أثر كبير في المضي بالمسرحيين قدماً نحو آفاق التطور والإجادة، وبفضلها أصبح هذا الجانب ثابتاً في كل المهرجانات.
اليوم تعتبر ورشة عناصر العرض المتكامل التي تنظمها سنوياً إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة وتمهد بها لمهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة في كلباء أهم وأكبر الدورات التدريبية التي تقام في الإمارات، نظراً لأنها تستمر ثلاثة أشهر، وتتناول كما هو واضح من اسمها، كل جوانب المسرح، من تمثيل وإخراج وسينوغرافيا، ويخرج منها المتدربون وقد ألموا إلماماً جيداً بتلك العناصر كلها، وتؤهلهم للمشاركة في مهرجان المسرحيات القصيرة، وفي كل المهرجانات الأخرى، ويستدعى لهذه الدورة خبراء مسرحيون من داخل الإمارات ومن البلدان العربية للإشراف على التدريبات.
في أيام الشارقة التي أسست لهذه الظاهرة لا تزال تقام ورش تدريبية، لصالح أعضاء الفرق المشاركة في المهرجان، وهي متغيرة ومتنوعة في كل عام، فهناك دورات للتمثيل، وأخرى للأداء والحركة، وأخرى للإضاءة والديكور، وهناك أيضاً دورة للأوائل في المسرح العربي تضم شباباً من عدة بلدان عربية، ويشكل مجمل ما يقدم في المهرجان من أنشطة موازية للعروض ورشة متكاملة يخرج المشاركون فيها بحصيلة فنية كبيرة، تفيدهم في مستقبلهم الفني، وهذا هو حال كل المهرجانات الأخرى مثل مهرجان المسرح العربي، ومهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، ومهرجان المسرح الجامعي، ومهرجان الإمارات لمسرح الطفل، ومهرجان الشارقة للمسرح المدرسي، فكلها تصاحبها تلك البرامج الميدانية التي تؤهل المشاركين للعمل المسرحي، كما أن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة دأبت على إقامة ورش تدريبية مستقلة خلال السنة يحتضنها معهد الشارقة للفنون المسرحية، ويستدعي لها متخصصين، وذلك لدعم المسرحيين بالمعلومات النظرية والتطبيقية، وعلى مستوى الفرق المسرحية ارتبطت إقامة الورش بالإعداد للأعمال المسرحية، فهي داخلة ضمن البروفات التي تقام لكل مسرحية تشارك بها الفرقة في أحد المهرجانات، ويبدو أداء الفرق في هذا المجال أقل من المطلوب، خصوصاً أن السعي إلى استقطاب طاقات جديدة، يقتضي وجود فرص تدريب موسمية ثابتة لدى هذه الفرق، إذا ما استثنينا الجهد الذي يقوم به مسرح دبي الشعبي، فقد قدم في السنوات الأخيرة عدة ورش أشرف عليها الفنان عبدالله صالح.