«أجلس قربها/ وامسح برفق ذرة غبار/ سقطت على ثوبها/ وإن لم ترَ واحدة/ فتوهم ذرة غبار/ وامسحها». بهذه الكلمات العذبة يخترق الشاعر الروماني الكبير بيبلوس أوفيديوس ناسو المعروف بلقب أوفيد، وجدان قارئه الذي يقف مسحوراً بعوالمه الشعرية المملوءة بأساطير الأقدمين التي اعتاد أن يقتبسها في أشعاره، ولكن الأهم من ذلك هو قدرة تلك الأشعار والكلمات على النفوذ إلى عقل وأحاسيس قارئها المعاصر على رغم مرور ما يقرب من ألفي عام على كتابتها.
ولد أوفيد في مدينة سلمونة شرقي روما، سنة 43 قبل الميلاد، ويعد آخر الشعراء الذين كان يطلق عليهم «الأوغسطين»، وهم جملة من الشعراء الرومانيين الذين سجّلوا أشعارهم وأتمّوا أعمالهم من سنة 27 قبل الميلاد حتى سنة 14 بعد الميلاد، وهي المدة التي كان فيها أوغسطس قيصراً لروما، وكانت كتابات هؤلاء ذات أصالة باستثناء ما استوحوه من الأساطير والآداب اليونانية القديمة وما تبعها من آداب العصر الإغريقي، وهو العصر الذي عرفت به القرون الثلاثة الأخيرة قبل الميلاد.
تأتي أهمية أوفيد من خلال أعماله التي استطاعت النفوذ والتأثير في عصور مختلفة، وهو إلى جانب فرجيل، أحد الشعراء الذين استطاعوا شغل مخيلة الفنانين في عصر النهضة، وكان لعبقرية أوفيد التصويرية في شعره أثر كبير في آداب أوروبا الغربية منذ فجر العصور الوسطى حتى أوائل القرن التاسع عشر.
لقد امتلأ شعر أوفيد بالأساطير التي كان يوظّفها غالباً ضمن رؤيته الشعرية الخاصة، فيضفي إليها روحاً متجددة خلاقة، تحرك تلك الأسطورة وتجعلها تنبض من جديد في عقل من يقرؤها، وبذلك استطاع شعره أن يكون استمراراً خلاقاً لتلك الأساطير اليونانية القديمة، إلا أن ألمعية أوفيد لم تقتصر على استرجاع الأسطورة وتوظيفها، وإنما أيضاً على رؤيته العميقة لحياة مجتمعه، ودأبه على نقده وتصويره والسخرية منه وقت يقتضي الأمر، وتبصره للامعقول في ذلك المجتمع. يقول علي كنعان في مقدمة ترجمته لمجموعة «قيثارة حب» من أشعار أوفيد: «لا شك أن هذا الشعر مرآة العصر الذي ولد فيه أوفيد، ومرآة المجتمع بقدر ما هو مرآة الشاعر، وإذا كانت جرأة الشاعر تخدش الحياء في بعض الأبيات، فليس غاية ذلك ترويج العبث والاستهتار، وإنما هو محاولة قاسية لشد الأنظار إلى الحالة المستنكرة التي بلغها المجتمع المترف».
لقد كان سحر أوفيد في كلماته التي استطاعت أن تبقى حية كل تلك السنين، وقدرته الفذة في الوصف، وهو القائل: «كما هي حال النار حين تخبو شيئاً فشيئاً/ فهي تكمن مخبوءة في أعماق الرماد المُبيض/ لكن قليلاً من الكبريت يوقظ من جديد/ لهبها الخابي، وتتوهج كما كانت من قبل».
ولد أوفيد في مدينة سلمونة شرقي روما، سنة 43 قبل الميلاد، ويعد آخر الشعراء الذين كان يطلق عليهم «الأوغسطين»، وهم جملة من الشعراء الرومانيين الذين سجّلوا أشعارهم وأتمّوا أعمالهم من سنة 27 قبل الميلاد حتى سنة 14 بعد الميلاد، وهي المدة التي كان فيها أوغسطس قيصراً لروما، وكانت كتابات هؤلاء ذات أصالة باستثناء ما استوحوه من الأساطير والآداب اليونانية القديمة وما تبعها من آداب العصر الإغريقي، وهو العصر الذي عرفت به القرون الثلاثة الأخيرة قبل الميلاد.
تأتي أهمية أوفيد من خلال أعماله التي استطاعت النفوذ والتأثير في عصور مختلفة، وهو إلى جانب فرجيل، أحد الشعراء الذين استطاعوا شغل مخيلة الفنانين في عصر النهضة، وكان لعبقرية أوفيد التصويرية في شعره أثر كبير في آداب أوروبا الغربية منذ فجر العصور الوسطى حتى أوائل القرن التاسع عشر.
لقد امتلأ شعر أوفيد بالأساطير التي كان يوظّفها غالباً ضمن رؤيته الشعرية الخاصة، فيضفي إليها روحاً متجددة خلاقة، تحرك تلك الأسطورة وتجعلها تنبض من جديد في عقل من يقرؤها، وبذلك استطاع شعره أن يكون استمراراً خلاقاً لتلك الأساطير اليونانية القديمة، إلا أن ألمعية أوفيد لم تقتصر على استرجاع الأسطورة وتوظيفها، وإنما أيضاً على رؤيته العميقة لحياة مجتمعه، ودأبه على نقده وتصويره والسخرية منه وقت يقتضي الأمر، وتبصره للامعقول في ذلك المجتمع. يقول علي كنعان في مقدمة ترجمته لمجموعة «قيثارة حب» من أشعار أوفيد: «لا شك أن هذا الشعر مرآة العصر الذي ولد فيه أوفيد، ومرآة المجتمع بقدر ما هو مرآة الشاعر، وإذا كانت جرأة الشاعر تخدش الحياء في بعض الأبيات، فليس غاية ذلك ترويج العبث والاستهتار، وإنما هو محاولة قاسية لشد الأنظار إلى الحالة المستنكرة التي بلغها المجتمع المترف».
لقد كان سحر أوفيد في كلماته التي استطاعت أن تبقى حية كل تلك السنين، وقدرته الفذة في الوصف، وهو القائل: «كما هي حال النار حين تخبو شيئاً فشيئاً/ فهي تكمن مخبوءة في أعماق الرماد المُبيض/ لكن قليلاً من الكبريت يوقظ من جديد/ لهبها الخابي، وتتوهج كما كانت من قبل».
غيث خوري