Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

مسرح الشارع يؤسس لشعبية فن الفرجة

$
0
0
الشارقة: محمد ولد محمد سالم

قليلة هي التجارب الإماراتية في «مسرح الشارع»، ومع ذلك فإن ما قدم حتى الآن من هذه التجارب، على اختلافه وتباعد أوقاته، يعطي انطباعاً بأنه يمكن أن يكون لهذا اللون من المسرح دور في نشر الثقافة المسرحية، وأن يكون وسيلة معززة للتعاطي مع الفنون التعبيرية عموماً، نظراً للجاذبية التي تحظى بها عروضه، التي تكون في العادة خفيفة وسريعة تجمع بين الترفيه والفكرة الخاطفة، ولا تضع حواجز لحضور الجمهور لأن مسرحها هو الشارع، وهو الساحات العمومية والحدائق، والأماكن العامة المفتوحة التي يرتادها الجمهور بسهولة، وخلال عشر أو خمس عشرة دقيقة يمكن للمشاهد أن يحصل على فكرة ومتعة، ثم يواصل نزهته أو سيره في الاتجاه الذي يريد.
نظمت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة منذ 2011 سلسلة من الورش والتدريبات التي تسعى إلى إكساب المشاركين مهارات مسرح الشارع، الذي يقوم في الأساس على مهارات الممثل الحركية، وقدرته على الارتجال، فكلما كان الممثل قادراً على أداء الحركات التمثيلية بإحكام، وعلى تقمص الشخصية التي يريد لعب دورها، وكلما استطاع أن يرتجل مشهداً، كلما ارتقى بفنه، وكان جذبه للجمهور أكثر، وبشكل خاص أن يحمل أداؤه وحواره مسحة فكاهية من دون التنازل عن الرؤية الفكرية، وقد نجم عن تلك التدريبات تكوين فرقة لمسرح الشارع قدمت عدة عروض في كل من قناة القصباء وبحيرة خالد ومنتزه الجزيرة وكلباء وخورفكان ومنطقة نحوة وشيص، وشاركت أيضا بتقديم عروض ضمن أيام الشارقة التراثية، وكان لمجمل ما تقدمه صدى لدى الجمهور، وقدمت عروضها «لعبة الذئب والخرفان»، و«لعبة الطاقية»، و«كلٌ يغني على ليلاه» و«الشيفة شيفة والمعاني ضعيفة»، و«سيرة ذاتية»، و«حالة وطن»، و«نوادر جحا».
عندما أحست الدائرة بنجاح تجربة عروض الشارع أرادت أن توسع آفاقها، فأطلقت عام 2011 «مهرجان الشارقة للمسرح الكشفي» باعتبار أن المسرح الكشفي، هو إحدى حالات التلامس مع الجمهور نظراً لطبيعة عمل الكشافة، التي هي حركة تطوعية، تقدم خدمات إنسانية للمجتمع، وتقتضي مبادراتها أن تكون على علاقة مباشرة مع شرائح عريضة في المجتمع، وتقدم هذه الحركة عروضها وأعمالها الفنية والخدمة في فضاءات مفتوحة، ومن هنا كان وجه الشبه بينه وبين مسرح الشارع، رغم ما يمكن أن يجده النقاد من اختلافات طفيفة بينهما، لكنهما يقومان على نفس الفكرة من هذه الناحية، فكانت الرؤية أن يتم إدخال المسرح بشكل فاعل إلى أنشطتها، وقد نجح المهرجان في تقديم عروض سنوية متميزة، وفي اكتشاف مواهب جديدة أصبح لها دور خارج المسرح الكشفي نفسه.
من المبادرات الفنية التي تشبه مسرح الشارع إلى حد كبير، ويمكن إدخالها في مفهومه الواسع «مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي»، الذي انطلق نهاية العام الماضي، واعتمد بدوره شكل المسرح المفتوح، الذي يتخذ من الفضاء والمساحة الخارجية خشبة مشرعة للمارة يتحلقون حولها لمشاهدة العرض، وقد أقيم في أماكن تواجد الجمهور في تلك الفترة من السنة، حيث تخيم الأسر في تلك المناطق، ما جعل العروض تستقطبها، ما يعني أن مهرجان المسرح الصحراوي بالطريقة التي قدم بها يدخل في باب مسرح الشارع، وفي دبي وعلى مدى العامين الماضيين نظّم مركز الغرير التجاري مهرجان «دوب فيست» الدولي لمسرح الشارع، الذي ضمن مشاركة من 17 دولة قدمت نحو 380 عرضاً جماهيرياً، جمعت بين المسرح والرقص والموسيقى وعروض البهلوان وغيرها، واستقطب أعداداً كبيرة من المتفرجين من مختلف الجنسيات.
في ذاكرة المسرح الإماراتي، يمكن النظر إلى مسرحية «جميلة» تأليف وإخراج جمال مطر عام 1993 كإرهاص بعروض مسرح الشارع، نظراً لما حققته من فرجة في فضاء مفتوح، حيث كان أول مسرحية إماراتية خرجت عن تقاليد المسرح الكلاسيكي، واتخذت من الفضاء خشبة قدمت عليها عروضها، وذلك على شاطئ الخليج في منطقة الشارقة القديمة، وكان الممثلون يدخلون البحر ويخرجون منه، وقد جلس المتفرجون على رمل الشاطئ يتابعون العرض، الذي شهد إقبالاً جماهيرياً كبيراً لم يكن المشرفون عليه يتوقعونه.
تشكل تلك المبادرات وما أحدثته من مستوى تفاعل جماهيري معها، أساساً يمكن البناء عليه، لجعل مسرح الشارع ممارسة دائمة في الأماكن العامة، حتى يصبح جزءاً من ثقافة المجتمع، ويضحى جزءاً من برنامج إدارة الساحات العمومية والمتنزهات وكل الفضاءات المفتوحة لتلاقي الجمهور، ولا جدال فيما يمكن أن يقدمه هذا اللون الفني للمجتمع من إنه حقق شرطه وهو الإمتاع المقرون بالرؤية الفكرية الناضجة.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>