على هامش انعقاد اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في دبي، تنطرح أسئلة مهمة حول دور المثقف في المرحلة الراهنة، وهو سؤال يعيد طرح هذا الدور في ظل عدة تحديات تواجه الثقافة العربية، وقد باتت معروفة لكل المثقفين العرب.
وربما على رأس هذه التحديات البحث عن استراتيجية ثقافية، ترسم الخطوط العريضة لمواجهة أشكال التطرف والاصطفاف المذهبي، وكيف يمكن للمثقف العربي والثقافة العربية أن تعيد النبض لشريان هذه الثقافة التي يراهن عليها، طالما كانت هناك مواقف وجهود عربية، سواء كانت رسمية أو أهلية لمواجهة هذا الوباء.
يراهن دائماً على حنكة الثقافة، بمثل ما يراهن على اجتماعات وملتقيات الكتاب والمثقفين، وما يلتقون حوله من قواسم مشتركة في وجه القوى الظلامية، التي تخطط لزعزعة أمن المنطقة، وباتت تشكل خطراً حقيقياً على الوجود الإنساني.
إن الإرهاب لا دين له، وهو يهدد الوجود البشري، كما أن المخرج في عرف الثقافة هو الحوار والتلاقي الثقافي والحضاري بين العرب والعالم، وتجاوز الخلافات، طالما آمنّا بأهمية الثقافة والهاجس الإنساني الذي يربط بين شعوب الأرض، على قاعدة التفاهم المتبادل والاحترام وترسيخ أسس الكرامة الإنسانية، لغايات تمكين الثقافة من بلورة التماسك الاجتماعي والمصالحة بين الشعوب والأمم في كافة أرجاء العالم.
نادى المثقفون العرب على الدوام، بضرورة السعي لإنجاح الحوار بين الحضارات، وقد كان المثقف باستمرار قادراً على استشراف المستقبل، ومؤمناً بضرورة الثقافة لإنجاح ما يؤمن به من قناعات، وإذا كان هذا المثقف، من حيث هو صاحب مشروع ثقافي، وصاحب رؤية يصطدم بعقبات لا حصر لها، فقد آن الأوان لإبراز دوره في التنوير مستلهماً شروط وخاصيات الثقافة، التي من ميزاتها التجدد والإفادة من تبادل الخبرة والمعرفة والانفتاح على العالم، ونبذ ومحاربة كل أشكال التعصب المعروفة.
تتبنى الإمارات مشروعاً حضارياً يتخذ من قيم التسامح والتعايش عنواناً رئيسياً له، وهو فهم متقدم يراهن على الثقافة في هذا الوقت بالذات، ومن يراهن على الثقافة، فلن يكون خاسراً مطلقاً، لا سيما أن أجزاء الوطن العربي ،من المحيط إلى الخليج، تتمتع بإرث ثقافي، وحضاري، وإنساني لا جدال فيه، كما تتمتع - وهو من الميزات المهمة- بخصوصيات لا حصر لها، تشكل في مجموعها مصدراً من مصادر الثراء، التي يمكن الاستفادة منها، في بلورة ما هو مشترك بين أسر وروابط واتحادات الدول العربية.
هل ينجح المثقفون في مسعاهم؟ هو سؤال نتمنى جميعا أن تكون نتائجه إيجابية، لا سيما وأننا أحوج ما نكون الان ليلورة ولو صيغة مبدئية لمشروع ثقافي عربي شامل، هذا الذي ما زال يواجه بعثرات متكررة، نحن بحاجة لمشروع وطني وقومي ثقافي جامع، يؤسس لوعي جديد واستراتيجية مبشرة.
Ohasan005@yahoo.com