Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

المثقفون العرب أمام تحديات جديدة

$
0
0
دبي: علاء الدين محمود

تلتئم هذه الأيام بمدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة فعاليات اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام لأدباء والكتّاب العرب، ويأتي هذا الحدث وهو يحمل زخماً جديداً، أشبه بثورة أعلنها المثقفون والمفكرون المنضوون تحت لواء اتحاد الكتّاب العرب، الذي فيما يبدو يتجه فعلياً ل«وضع استراتيجية ثقافية للوطن العربي»، وهي دعوة تحمل الكثير تجاه العمل الثقافي العربي لحظة التقائه بالسياسي ليتعزز مفهوم أن المثقف والمفكر رافعة فكرية لا غنى عنها في صنع النهضة الحديثة، هي دعوة لمثقف ملتحم بقضايا أمته ووطنه في ظل المتغيرات الكبيرة والتحديات التي تواجه العالم، ربما على رأسها هزيمة الوعي الزائف الذي يسود في عقول الكثيرين فينتج الإرهاب ويقطع بالتالي مع قيم الأمة السمحة، عبر تأويلات تشكل عملياً كابحاً كبيراً أمام انطلاق العرب ومشاركتهم الحقيقية في الحداثة ليكون السؤال الكبير: أي دور يرتجى من المثقف العربي في وجه هذه التحولات الراهنة؟ والذي ينشىء مهمة حقيقية، هي بالفعل مهمة المثقف، في الحرب الدائرة الآن على العقل، والتنوير، بالتالي يبرز دور المثقف.
استطلعت «الخليج» آراء بعض المثقفين العرب الضيوف الذين يحملون هم هذه الفكرة (مواجهة التعصب والتطرف والمعتقدات الزائفة)، وهي مهمة مقدمة في مجتمعات يجتاحها العنف، والتعصب بكل أنواعه. د. عمر قدور، رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتّاب السودانيين ومساعد الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، أشار إلى أن الكتاب العرب الآن متحمسون جداً ويحملون هماً نهضوياً من أجل التنوير، فصوت الإرهاب يبدو عالياً في كل العالم، وأتت كلمات قدور لتعلن نهضة المثقفين في عملية تضامنية مع السياسيين في الحرب على التطرف والإرهاب، حين شدد على ضرورة أن يلعب المثقف دوراً تنويرياً كبيراً ويصنع فكراً مختلفاً لمكافحته والوقوف في وجه الدعاة الذين يؤججون مشاعر الشباب، ويوجهونهم توجيهاً غير حقيقي وغير صحيح، ورأى قدور أن التحدي الآن كبير جداً أمام المثقفين في إنارة الطريق، والوقوف دون استغلال طاقات الشباب، خصوصاً الذين نشأوا خارج الوطن العربي، فلابد من أن تقوم الأمة على هدي من الفكر الحديث ومن الثقافة، مشيداً بالدور الذي تلعبه الإمارات وقادتها في هذا المجال، والذي وصفه بكونه يشكل رعاية للمثقفين في مواجهة قوى الظلام.
جدل السياسي والمثقف كان حاضراً عند بعض الكتاب، فقد أشاد قدور بدور المثقف العربي في مساعدة القوى المختلفة القائدة في المجتمع على أن تتخذ القرار الصائب في كافة القضايا الوطنية والعربية، بل الدولية، وهو يرى أن المثقفين هم الذين يحملون مصباح «ديوجين» هذا المصباح التاريخي الذي ينير الطريق لاتخاذ القرار، ويستدعي قدور القول التاريخي لأحد القادة العظام «بسمارك»، الذي قام بتوحيد ألمانيا عندما قال كلمته المشهورة وهو يعد مشروعه «الكلمة» أولاً، المثقف أولاً، والعالم تقوده الكلمة والثقافة، بل إن الفكر الإنساني تقوده الكلمة، وذلك يجعل مسؤولية المثقف كبيرة وجسيمة ورائدة، واستدعى قدور دعاة التنوير في العالم العربي منذ محمد عبده في مطالع القرن المنصرم، ودعاة التغيير في كثير من الأقطار العربية ومنها السودان وقادة الحركة الوطنية وجلهم من المثقفين والمفكرين، معرباً عن سعادته بوجودهم في دولة شقيقة مثل الإمارات التي تربطهم بها علائق كبيرة جداً خاصة على مستوى الثقافة والفكر، لا سيما أن الإمارات هي التي تتولى قيادة اتحاد كتاب وأدباء العرب.
في ذات السياق تحدث د. الفاتح حمدتو، نائب رئيس تحرير مجلة «الكاتب العربي» ومسؤول مكتب الحريات في الاتحاد العام للأدباء والكتّاب السودانيين، وأكد على دور المثقف في التنوير والتغيير وفي إعانة السياسي عبر توفير الحلول باعتبار أن الدور السياسي هو الأكبر، وأن مهمة المثقفين هي تجميع الصفوف، خاصة في ظل وجود متغيرات كثيرة، ولابد للمثقف أن يقوم بدوره وأن يصبح صاحب اليد العليا في هذه المهمة.
من ناحيته دعا صلاح حراوي، عضو اتحاد كتاب مصر، إلى تعزيز دور المثقف العضوي، ويلفت حراوي الدول العربية إلى مدى الخطر الذي يتعرض له العالم العربي، وأن على المثقف العربي أن يعرف ماهية أن يكون مثقفاً عضوياً، معبراً عن جماعته منتمياً لها ومستشرفاً آفاق المستقبل، كما يرى أن الوطن العربي في أمس الحاجة لوضع صيغة لمشروع ثقافي عربي شامل، وهذا ما يواجه بصعوبات شاملة، والأهم أن المشروع الثقافي لابد أن يكون متجلياً في كل المشروع الوطني والقومي، الوطني لكل دولة على حدة، والقومي لكل الأقطار العربية معاً، ليتجلى ذلك في الشأن الحيوي من منظور ثقافي، وليس فقط مشروعاً ثقافياً، فهذان أمران مختلفان، الدور المنتظر هو ضرورة الوعي بهذه القضايا، فصناعة استراتيجية ثقافية لها تبعاتها، ولابد أن تجد القبول.
ويبدو أن المجتمعات العربية بحسب ما تمر به الآن في حاجة كبيرة لثورة على مستوى الوعي والمفاهيم، لتشكل هزيمة لطريقة التفكير السائدة، وتنتج طرائق جديدة، تنبذ العنف والتعصب، وهذا ما تعبر عنه سلوى بكر، عضو الوفد المصري للكتّاب المصريين، والتي ترى أن المطلوب الآن تخليق آليات ثقافية لمواجهة المد الظلامي في المنطقة تحت شعار الإسلام السياسي بكافة تلوناته، بحيث يكون هنالك فرصة لانصهار ضروب أدبية وفنية تحت مسمى ثقافي موجه أساساً للأجيال الشابة وصغيرة السن بهدف إحداث تيار فكري ثقافي مواجه للتيار الظلامي السائد.
وعلى ذات الطريق سار المغربي عبد الرحمن علام عندما أعلن أنه ينتظر المثقف العربي اليوم ومستقبلاً الشيء الكثير، على اعتبار أن الثقافة اليوم هي من المنافذ الكبيرة لتجاوز كثير من العوائق في البلدان العربية، في ظل ما تعيشه مجتمعاتنا اليوم من تفشي الإرهاب والظلامية، فلابد من إعادة الاعتبار للخطاب الثقافي، ويقول علام «إن موضوع الإرهاب يظل هاجساً للمثقف العربي اليوم، وأن هنالك اصطفاف تام لمقاومته».
وتحدث د. راشد نجم النجم، نائب رئيس أسرة الأدباء والكتّاب البحريني الذي أكد على ضرورة مواجهة الخطاب الظلامي بخطاب تنويري، داعياً بعض الأنظمة العربية إلى أن تتوقف عن محاولات إلغاء المثقف العربي، والذي يعني عملياً تشجيع الظلامية، مؤكداً أن المثقف العربي يلعب دوراً أساسياً مهماً في إحداث التنوير والتغيير.
المتلقي فيما يبدو يحمل في جعبته الكثير، خاصة في ظل المتغيرات الكثيرة، ومع تفشي وسيادة ظاهرتي التطرف والعنف.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>