Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

اصطفاف ثقافي

$
0
0
علاء الدين محمود

هو اصطفاف المثقفين إذ يتنادون من أجل البحث عن أفق يبذلون على جنباته الرؤى والأفكار، وربما هي تلك الروح التي تتسرب من خلال كلمات المشاركين في فعاليات اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب «الأمانة العامة، في دبي»، إذ إن المنعطف الكبير الذي تمر به الأمة العربية كان له أثر واضح، خاصة تلك التحديات التي تتطلب أسساً وأفكاراً جديدة للتعامل معها، لا تقطع مع القديم، ولكن تأخذ من أفضل ما في التراث لمواجهة مشاكل العصر، وبالطبع هذا يتطلب روحاً جديدة وفعلاً جديداً كذلك، وكذا الحال على مستوى دور المثقف وتعريفه.
من هنا، فإن دوراً كبيراً ينتظر المثقف العربي، بتعريفات جديدة، يصبح وفقاً لها مثقفاً أقرب للنموذج «الغرامشي»، في تعريفه للمثقف أو ذلك المثقف «السعيدي»، وفي كلا الحالتين والتعريفين هو مثقف فاعل ومنفعل بقضايا الناس، منتمياً إليها لا يخون، ولا يداهن، هو مثقف عضوي حقيقي، ولكي يصبح ذلك ممكناً، لابد من أن ينذر المثقفون أنفسهم لمعركة طويلة مع الجهل وقوى الظلام، وفي سبيل ذلك لابد من «هدم» القيم السالبة والسائدة.
هي عملية ملحة في صناعة وعي نهضوي جديد، تتطلب وبلا هوادة أن يقوم المثقفون بمهمة هزيمة الوعي الزائف والقيم المزيفة، المتمثلة في أشكال التعصب والتطرف في المجتمع العربي، مما أنتج ظاهرة الإرهاب التي نعاني منها جميعاً، وندفع دونها أثماناً باهظة، وبالتالي تضيع معها قيم التعايش والتسامح مع الآخر، ولا شك أن وطننا العربي يتعرض لخطر الأفكار الهدامة والتطرف وسيادة خطاب الغلو في الدين.
في هذا المنعطف الكبير، تبرز الحاجة الملحة لدور المفكرين والمثقفين من أجل استشراف آفاق المستقبل، عبر صياغة مشروع ثقافي يعبر عن الأمة العربية وخصوصيتها وفرادتها، فالمجتمعات العربية اليوم بحاجة ماسة لمثل هذا المشروع من أجل صناعة نهضة فكرية وتحديثية كبرى، إذا هو مشروع نهضوي جديد، وذلك بطبيعة الحال يتطلب وعياً جديداً وتغيراً كبيراً على مستوى المفاهيم، وإنتاج مفاهيم جديدة، وبمعنى أشمل حاجة لثورة على مستوى الوعي والمفاهيم، وبلورة طرائق جديدة، تنبذ العنف والتعصب، وتجفف المنابع التي يطل منها، ومن المفيد جداً، إحداث تراكم كبير يسهم في هذه العملية النهضوية على مستوى العقل، لينفتح الطريق عبر تحرير العقول.
لابد من تغيير كثير من المفاهيم المرتبطة بالمثقف، وهي في الغالب صورة نمطية متكونة في الذهن الجمعي، ولا بد كذلك من إعادة الاعتبار للمثقف نفسه، حتى يقوم بدوره دون عناء، فهنالك لبس كبير حول تعريف دور المثقف، أو حتى التعامل معه، كما أن صنع ثورة في العقول يكون المثقف رأس الرمح فيها، يجب أن نضع في الاعتبار حقيقة أن الكاتب والمفكر والمثقف بوجه عام هو رافعة فكرية لا غنى عنها في صنع النهضة وفي تحديث البلدان العربية.
لابد من إعادة الاعتبار للمثقف، لا التقليل من شأنه، والإقرار بإمكانية مساهمته في الفضاء العام، وفي المقابل مطلوب من المثقف ألا يحجم دوره، أو أن يرتضي بدور بسيط، أو يسجن نفسه في برج عاجي، وعليه أن يكون ملتحماً بقضايا أمته ووطنه الكبير، فالتحديات كبيرة، على رأسها «الإرهاب» الذي يلغي التطور ويوقف العقل، ويهدد الوجود، ويشكل كابحاً أمام الانطلاق والحداثة والتطور، فليكن إذاً «اصطفاف» جديد يطيح بقوى الظلام.

alaamhud33@gmail.com


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>