استدعاء هوبز

صربما ذلك الاستدعاء المتخيل عملية مهمة من أجل بيان جديد للرأسمالية، يؤسس لمفاهيم جديدة، تهزم البؤس الذي ولدته بعد صعود الأفكار المحافظة في هذه اللحظة الراهنة، أو أن يعلن - البيان - هزيمتها فكرياً وأيديولوجياً، هذا ما وراء استدعاء توماس هوبز على عجل، في عصر الهزائم والخيبات، ولكن لماذا هوبز؟
الإجابة ببساطة أن الرجل يعتبر من أكبر فلاسفة القرن السابع عشر، الذين أسسوا لمستقبل الأفكار الليبرالية، كان هوبز أكثرهم شهرة وقد وضع وساهم في بلورة كثير من الأطروحات والمفاهيم الجديدة آنذاك، التي كان لها أثرها الكبير واللاحق في المجال السياسي والحقوقي، وكان من نتائج ذلك الجهد، نظرية «الحق الطبيعي». كذلك أسس هوبز في ذلك الوقت
مفاهيم أحدثت فتوحات كبيرة على مستوى النظرية السياسية، مثل مفهوم العقد الاجتماعي، الذي أسهم كثيراً في إعادة إنتاجه وبلورته بناء على نظرية «الحق الطبيعي».
إن هوبز بذلك يعد مسؤولاً رئيسياً عن الخراب في زمان العولمة، إضافة إلى أفكاره وإسهاماته الكبيرة حول مفهوم السلطة، والتي يرى فيها الشيء الوحيد الذي يقف بين الأفراد وبين العودة للهمجية، أو حالة الطبيعة، ولعل هوبز بذلك مسؤول مرة أخرى في اعتقال الإنسان داخل مفهوم للسلطة جبري جداً، وربما يتنافى مع شكل الحرية التي دعا إليها.
بحسب هوبز فإن السلطة السيادية يجب أن تسيطر على مراكز القوى المدنية والعسكرية والقضائية والدينية، ذلك المفهوم الخانق جداً مازال يسيطر على البشر، ربما لن يجدوا مفهوماً آخر خارجه إلا بهزيمته، وإعلان إفلاسه.
إن هوبز بذلك متورط جداً ربما أكثر من غيره، في كونه أهم فلاسفة النظام الرأسمالي، الذين أرسوا دعائم أيديولوجيته، فسعى إلى خلق نظام محافظ ودائم، يعمل على الإبقاء على تركيز السلطة والثروة في أيدي الصفوة، مع ترك هامش مرن لحركة الناس ضمن الحدود الشكلية والفعلية لمدونات حقوق وواجبات.
تلك الأفكار كانت جوهر نظرية العقد الاجتماعي، فقد كان هوبز مناصراً للملكية المطلقة، وكان هوبز من الذين أسسوا أيديولوجيا النظام الرأسمالي، وواحداً من أهم مؤسسي الليبرالية.
هوبز الآن هو المسؤول عن الأفكار المحافظة التي تراق على جوانب النظام الرأسمالي، وهو المسؤول عن هذا الصعود الكبير في العالم للمحافظين، بالتالي هنالك حاجة لاستدعائه مرة أخرى بغرض محاكاة تلك الأفكار ونقدها لتأسيس حالة جديدة أكثر إنسانية.

alaamhud33@gmail.com