Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18137

محمد أركون

$
0
0
علاء الدين محمود

في الذكرى السادسة لرحيل المفكر الجزائري محمد أركون، 1928 2010م، صاحب الفتوحات المعرفية الكبيرة في المشروع النقدي الكبير للعقل العربي والإسلامي، تظل الحاجة للاطلاع على أعماله الفلسفية مسألة مهمة تجاه الحداثة والنهضة عربياً، فأركون ترك بصمة كبيرة وواضحة عبر مشروعه التاريخي والأنثروبولوجي تركز على تحديث العقل الإسلامي عبر استدعاء التراث العربي ونقده سعياً نحو إعادة بناء الفكر العربي والإسلامي، معتمداً على مناهج علمية حديثة ومعاصرة في علوم الإنسان، ودراسة الأديان خاصة علوم التاريخ والأنثروبولوجيا، والفيلولوجيا، وغيرها من العلوم الحديثة، وهي العملية التي قدمت إضاءات كبيرة في دراسة التراث الإسلامي والعربي، نحو الولوج إلى الحداثة التي شدد عليها أركون كثيراً وفي ذلك يقول: «هناك ظاهرة الحداثة والتي لا بد من الدخول فيها، لا بد من تبنّيها كإطار فكري، وليس مجرد تطبيقها دون تساؤل ودون التعرّف إلى التاريخ والتقديم التاريخي النقدي لجميع التراث العربي».
ظل هاجس «التراث» جهة قراءته وتأويله نحو صنع مشروع عربي نهضوي يحيط بالمفكرين العرب ، مستخدمين أدوات مختلفة تمثل المرجعيات الفكرية لكل منهم، بغية تحريره من الوهم وما نسج حوله من أساطير ليكون حاضراً في المشهد نحو الحداثة والتقدم، وبدا ذلك واضحاً من خلال ذلك الإنتاج العلمي والمعرفي الكثيف في قراءة التراث ومحاولات بعثه تأويلياً.
وهي العملية التي لا شك كانت قاسية جداً من حيث الفهم والتمثل لذلك التراث، في كل وجوهه، وثرائه المتعدد.
لا يمكن الحديث أو ربما لا يستقيم موضوعياً دون الإتيان على ذكر الاسم الكبير المفكر محمد أركون الذي شكل منعطفاً كبيراً، وعلامة فارقة في هذا المسعى المعرفي الكبير، ربما بأدوات معرفية ونقدية مختلفة تمكن منها، وصارت معها أعمال أركون واحدة من أوضح محاولات البذل المعرفي نحو نهضة وتطور العالمين العربي والإسلامي، عندما طرح السؤال الكبير والعميق حول العقل العربي والإسلامي، أثرت الفكر العربي كثيراً ورفعت من شأن العمل النقدي في هذا الاتجاه.
غير أن من الضروري الإشارة إلى حقيقة أن أعمال أركون رغم عظمتها، وما احتوته من أفكار جديدة وطرائق متفردة في طرح الأسئلة تستند إلى أسلوبية علمية مميزة، تشتغل على الحداثة وفلسفتها، والتي كانت تلك الأعمال ثورة بالمعنى الحقيقي للثورة التي تنظر في الواقعين العربي والإسلامي، وتحمل إرادة التغيير الجذري عبر رؤى جديدة في الموقف من الحياة فلسفياً وفكرياً، رغم ذلك نجد أن أركون لم يقرأ جيداً، بمعنى أن تلك الأعمال لم تشكل إلهاماً كبيراً للباحثين والمهتمين بالتراث، وكذلك القارئ العادي، وربما يعود ذلك لما أرجعه كثيرون إلى الأسلوبية المختلفة غير المطروقة عند أركون، أو ربما لأنه - بحسب البعض للصعوبة التي وسمت بها تلك الأعمال الفلسفية، وجهة أن أركون اهتم أكثر بمخاطبة القارئ الغربي أكثر، وهو ما شكل لبساً حال دون الاطلاع عليه جيداً في العالم العربي، وبالطبع فإن أهمية أركون تظل حاضرة في قراءة التراث تجاه صناعة المشروع النهضوي العربي، وتظل هذه الأعمال منها مهمة جهة الاطلاع عليها.
توفي أركون في 14 سبتمبر من عام 2010، وما زال الرجل مثيراً للجدل بعد وفاته، كما كان في حياته، وتظل الحاجة إلى أركون باقية في مواجهة التعصب والتطرف الديني.

alaamhud33@gmail.com


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18137

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>