قال محمد المر: «إن قصة حياة حسن شريف هي قصة نهضة وتقدم الإمارات، وقد كنت وإياه من نفس الجيل، وارتدنا نفس المدارس، وكانت عندنا الطموحات والأفكار نفسها في أن نرى الإمارات متقدمة ونامية، وقد تأثرنا في تلك المرحلة بالفن العربي، نظراً لأن مدرسي الرسم الفني لدينا كانوا من الأقطار العربية، والمجلات التي كنا نقرأها هي مجلات عربية مثل مجلة العربي ومجلة الهلال، ويومها كانت الساحة الفنية بسيطة، والأعمال لا تزال تتلمس بداياتها، ثم بدأنا نتعرف إلى الفن الغربي نقرأ عن فناني عصر النهضة مثل رافائيلو ودافينشي، والانطباعيين مثل كلود مونيه، وإدوارد مونيه، ومدارس الحداثة مثل التكعيبية والدادائية».
جاء ذلك خلال ندوة تأبينية لحسن شريف ونظمتها ندوة الثقافة والعلوم مساء أمس الأول في مقرها، حيث توفي شريف يوم 19 سبتمبر الماضي، حاضر فيها الأديب محمد المر، وحضرها الأديب عبد الغفار حسين، وسلطان بن صقر السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة، وأسرة حسن شريف، وأدارت الأمسية الشاعرة شيخة المطيري.
وقال محمد المر : «لقد ولع حسن شريف بفنون عصر النهضة، وكانت لديه الموهبة خصوصاً في مجال الكاريكاتير، وكانت تجربته الفنية متقدمة جداً في تلك الفترة، لكنّه لم يكتف بذلك، ففضّل أن يدرس الفن، وسافر إلى بريطانيا من أجل ذلك، وهناك احتك بحركة الفن وتعرف الى المدارس التي كانت تظهر تباعاً، بحكم سرعة وتيرة التقدم، فكان يتنقل بينها مستفيداً من كل منها، وربما سعى إلى تقديم رؤية تمزج بين كل تلك المدارس.
وأضاف المر: إن شريف لم يقابل بحفاوة نقدية من الساحة الفنية المحلية، ونظر إلى فنه في البداية بشيء من الاستنكار والمعارضة مما انعكس عليه أحيانا بالإحباط، ومع ذلك لم ييأس، وسعى إلى أن يصنع جيلاً من الفنانين الذين يفهمون الحداثة، وعن طريق المرسم الحر استطاع أن يستقطب مجموعة من الفنانين، وكان بالإمكان أن يظل قيد الإهمال لولا أن الساحة الفنية الإماراتية انفتحت في الخمس عشرة سنة الأخيرة على الفن العالمي.
وتحدث في مستهل الأمسية سلطان السويدي فقال: «إن الأمسية تنطلق من حرص الندوة على تثمين دور فنان كبير ترك أثراً بارزاً في الساحة الفنية الإماراتية، وأشار إلى أن الأمسية تستعرض شهادات مختلفة من أصدقاء الراحل وممن عاصروه وتابعوا أعماله، وشكر أسرة شريف على حضورها للأمسية.
د. عمر عبد العزيز قال : «تعرفت إلى تجربة شريف منذ ما يقارب عقدين، وقد وجد أن الفن المفاهيمي مغروس في روحه، وكان يمتلك رؤية تعتبر الفنون المفاهيمية قديمة في التاريخ، قد مارسها الفنانون في كل العصور، نظراً لأن الخامة التي يشتغل عليها الفنان المفاهيمي مبثوثة بكل الأشكال في الطبيعة، فكل شيء يمكن تحوله إلى مادة في الفن، ولهذا يتجه الفنانون إلى سقط المتاع والنّفايات، ليعدوا منها أعمالهم، وكان شريف يلزم نفسه بالعمل لساعات طويلة ودون توقف ويعتبر إشراك الجسد مع الخيال قمة السمو الفني».
واستعرض الدكتور محمد يوسف بعض الحكايات التي تدل على الاستغراب الذي كان الوسط الفني المحلي والخليجي يتلقى بها أعمال شريف عندما بدأ اتجاه الفن المفاهيمي، فلم تكن تلك الأوساط تفهم ما يقوم به أو ترى أنه فن جدير بالاهتمام، لكن شريف لم يحفل بذلك ونظر إلى الأمام، وأنا أقول له: شكراً علمتنا كيف نصنع الفن، وكنت مغايراً ومبدعاً.
الكاتب إبراهيم مبارك قال «إنه تعرف اليه في مدرسة الشعب في دبي، وفي ذلك الوقت كان قد بدأ تجاربه الفنية، وكنا ننبهر ببراعته في الرسم، ولما كنا طلبة في مصر كان معنا، وكان قد وصل إلى مراحل إبداعية متقدمة، لكنه كان صاحب رؤية خاصة وطموح لا يتوقف عند حد، ولهذا فهو فنان متجاوز للمراحل».
وتعد المخرجة السينمائية نجوم الغانم فيلماً وثائقياً عن شريف، كانت قد بدأت تسجيله معه قبل وفاته، وهي قد عرضت أثناء الجلسة مقطعاً منه، قال فيه: «إنه تأثر بالفنان مارسيل دوشان، وإنه ابتعد عن نظرية اللون واعتمد على الفكر، وإنه شغل كثيراً بظاهرة الاستهلاك التي اجتاحت المجتمع وحاول أن يعبر عنها، كما حاول أن يعكس الطبيعة البشرية المملوءة بالتناقض».
الشاعر خالد البدور قال: «إنه عرف شريف من خلال أول معرض أقامه عام 1985 في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، حيث قدم عملاً متمثلاً في طاولة وبعض البراميل، وكان مفاجأة للجميع، ولم يفهموا يومها ما الذي يريده، لكنه استمر في اتجاهه وتأكيد حضوره، حتى صنع مدرسته الخاصة به».
الفنان أحمد حيلوز قال: «لقد عرفت شريف منذ بدايات الحركة التشكيلية، وقد أضاف إلى الحركة الفنية مدرسة النحت المتحرك، والجيل الذي أنشأه كان جيلاً من الفنانين البارزين» ، وذكر حيلوز أن لديه وثيقة حول أول معرض أقامه، وكان عام 1968 في مدرسة الشعب.
دبي: محمد ولد محمد سالم