Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18080

إسكات الادعاءات الصهيونية

$
0
0
يتوج قرار اليونيسكو بنفي أي علاقة دينية لليهود بالمسجد الأقصى المبارك وحائط البراق تلك الآلاف من الصفحات التي كتبها عشرات المثقفين من مختلف أنحاء العالم، وأكدوا فيها تلك الحقيقة من خلال تحليلات تاريخية وأركيولوجية ولغوية مقارنة.
إن المتابع لكتابات كيث وايتلام و فاضل الربيعي وكمال الصليبي وزياد منى وسيد القمني وحتى محمد الأسعد وغيرهم بالعشرات، سيلاحظ تلك المعركة التي خاضها هؤلاء ولسنوات لإثبات حقيقة مضمونها أن تفاصيل القصة اليهودية عن أرض الميعاد الموعودة والتي حددت لها «إسرائيل» مسرحاً يبتلع كامل الأرض الفلسطينية وربما امتدادها في مصر والعراق وسوريا ولبنان، إما مختلقة بالكامل أو لم تحدث وقائعها الدرامية في تلك المنطقة، فضلاً عن إجماع تلك الأعمال أن «إسرائيل» قامت عبر عقود بسرقة التاريخ الفلسطيني أو على الأقل أسكتته، بتعبير كيث وايتلام، لقد جاء قرار اليونيسكو ليطيح بأحلام «إسرائيل» بعد سنوات طويلة من الحفر في الأرض المباركة للوصول إلى آثار أو معالم تثبت الوجود التاريخي القديم لبني «إسرائيل» في المنطقة.

لقد باءت كل المحاولات «العلمية» للكيان الصهيوني بالفشل، فهل نقول إن قرار اليونيسكو، أعلى مؤسسة ثقافية في العالم، فضلاً عن أنه يطيح بالأحلام «الإسرائيلية» سيحث الكيان على وقف تلك المحاولات العبثية لإثبات وقائع وقصص وروايات أصبح الكثيرون يشكون فيها بقوة.

لا نعتقد أن محاولات «الكيان الصهيوني» سوف تنتهي، فالفكرة «الإسرائيلية» قامت في الأساس على تزييف التاريخ والتراث، تأسست على الجغرافيا الخيالية، مهدت لنفسها بمقولات ورؤى وتحليلات مدعومة بدعاوى استشراقية تارة، وأثرية تارة أخرى، ودينية في كل الأوقات، يتوصل كيث وايتلام في كتابه اللافت «اختلاق «إسرائيل» القديمة.. إسكات التاريخ الفلسطيني» إلى نتيجة مضمونها أنّ تاريخ «إسرائيل»، حسب الدراسات التوراتية، يبدأ بينما التاريخ الفلسطيني ينتهي، إنّ الماضي مُلك ل «إسرائيل». أما السكان الأصليون، سواء أكانوا قد اندمجوا في «إسرائيل» أم تمّت إبادتهم، فليس لهم حق في هذا التاريخ. لقد أدى البحث عن «إسرائيل» القديمة، في الدراسات العلمية الألمانية والأمريكية، إلى اختلاق هذا الكيان في فترة حرجة من تاريخ المنطقة، وهي فترة الانتقال من العصر البرونزي المتأخر وأوائل العصر الحديدي، وقد أسهمت هذه الاختلاقات في إسكات التاريخ الفلسطيني القديم وإبعاده من التاريخ. ففي تلك اللحظة كانت «إسرائيل» هي فلسطين، أما فلسطين وتاريخها، والمكان والزمان الفلسطينيان، فكل هذا تمّ إخضاعه بشكل كامل من قبل «إسرائيل» وادّعاءاتها بحقها في الماضي، كما صوّرته الشخصيات الكبرى في الدراسات العلمية التوراتية في الغرب.
هي حرب التاريخ والجغرافيا، أو هي حرب الاستحواذ على المكان والزمان الفلسطينيين، وعلى أيدي علماء لا يتبعون «الكيان الصهيوني» وحسب، هم مرة ينتمون إلى فضاء الاستشراق، ومرة إلى المسيحية الصهيونية، ومرة ثالثة إلى الدراسات التاريخية، أو اللغوية، ومرة رابعة إلى الجامعات والمراكز الغربية، أي أن التاريخ الفلسطيني والعربي والإسلامي يتم إسكاته باستمرار، ومن جهات عدة، وعلى أيدي أطراف يبدو من الظاهر أنه لا علاقة تجمعهم، ومن هنا نفهم معارضة قادة الكيان لقرار اليونيسكو بقوة، ونقدهم شديد اللهجة له، فالقرار في العمق يقول: كفى عبثاً، وتشويهاً للتاريخ، وركضاً وراء الخيالات والأوهام، ونتوقع أن الادعاءات «العلمية «الإسرائيلية»، التاريخية والجغرافية، في الأرض الفلسطينية سيعلو صوتها في الفترة المقبلة، كرد فعل على هذا القرار، وكمحاولة مستميتة لتحقيق أي منجز يؤكد المرويات والادعاءات الصهيونية.
«لا ارتباط دينياً بين اليهود والمسجد الأقصى»، مقولة صدرت عن أكبر مؤسسة ثقافية في العالم، مقولة علينا أن ندافع عنها بكل الأساليب والطرائق الممكنة، مقولة عليها أن تُسكت سنوات طويلة من الحفر في محيط المسجد المبارك، سعياً وراء أساطير «إسرائيل»، مقولة على جميع الباحثين العرب والمدافعين عن الحق الفلسطيني استثمارها في كتابة تاريخنا الحقيقي ليس لنا ولكن ترويجه في العالم بأكمله ومن خلال وسائل جديدة ومبتكرة، ونحن نحيي اليونيسكو على قرارها التاريخي ونفرح به، على الجميع العمل بدأب وجهد وتفرغ علمي كامل لإنطاق تاريخنا بقوة وإسكات ادعاءات الكيان الصهيوني وبقوة أيضاً.

«المحرر الثقافي»


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18080

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>