Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18080

ديلان ونوبل

$
0
0
باسمة يونس

إن منح جائزة نوبل للآداب لفنان مثل «بوب ديلان»، لن يفهمه من ينظرون إلى الآداب وخصوصاً الشعر نظرة «ابن خلدون» الذي عرّفه على أنه، فكر الأمة الموروث والذي يعبر عنه الشاعر أو الكاتب بلغة ذات مستوى رفيع، ينقل بشفافية موروث الأمة الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري والحضاري، ولكنه سيلقى تأييداً منقطع النظير ممن ارتبطوا بالأغنية الشعبية ويجدونها جديرة بالانضمام إلى موسوعات كتب الأدب عبر التاريخ.
ولو رجعنا، وهذا ما سنفعله جميعنا بدون شك، للتفكير بكل الأسباب التي يمكن أن تؤهل «ديلان» وأمثاله لاقتناص جائزة مرموقة مثل «نوبل» وفي مجال الآداب بالتحديد، لن نتمكن من الوصول إلى ما دار في خلد لجنة التحكيم، ولماذا فعلت هذا اليوم وبدون محاولة للتمهيد له.
ربما تكون «نوبل» قد حجبت بخيارها هذا، الفرص المأمولة من قبل عدد لا يستهان به من الأدباء المبدعين من كل أرجاء العالم، لأنها تبدو وكأنها تخرج نفسها من إطار محدد لا يتلاءم مع العصر الجديد، وفي مرحلة تحتاج إليها الجائزة لتحافظ على حضورها الإعلامي بين عشرات الجوائز المنافسة.
لكنها، وإن تمكنت من الصمود أمام تيارات الزمن وتغيراته، فذلك لأنها كانت ولفترة طويلة هي الجائزة الوحيدة التي يحلم بها كل أديب راغب في التأكيد على جودة إبداعه وعالميته، ولأن لقب الفائز بجائزة نوبل كما هو الحال مع الفائز بالأوسكار، سيحوله إلى نجم متألق.
ورغم أن «ديلان» ليس جديداً على الإبداع في مجاله، أي الأغنية الشعبية والموسيقى الأمريكية المعاصرة، لكن ربما تكون جائزة بحجم نوبل ولها وزنها الأدبي، قد فاجأت وربما أفجعت البعض بمثل هذا الاختيار، وخصوصاً من حصلوا عليها، لأن عينها الآن على الفوز بالتصفيق والاهتمام الشعبي فقط.
الأغنية، كانت ولا تزال أداة طيعة في كل عصر، ووسيلة ناجحة للتعبير عن كل ما يجول في النفس، ووثيقة تاريخية لحفظ القصائد التي ينظمها الشعراء، ويتغنى بها المطربون والمطربات، ولها تاريخ لا يستهان به بدءاً من قوة الكلمة، وانتهاء بصناعة اللحن وجودة الصوت، وموضوعها الإنساني القادر على التغلغل في أعماق الروح، لكنها لا تبدو كذلك الآن، بل وكأن إطار الصورة الكبرى التي تجمع كل من فازوا بالجائزة من مبدعين في المجالات العلمية والأدبية، أصبح إطاراً فضفاضاً على الجائزة وربما ستتعثر به.
ربما كان على «نوبل» أن تبتكر جائزة جديدة في مجال الفنون، تفصلها عن الآداب، لكي تتمكن بهذا من الإبقاء على قوة تأثيرها الثقافي، وتحفظ لكل من فازوا بها عبر السنين أهمية هذا الفوز وقيمته الفكرية والأدبية، وأن تتذكر في الوقت نفسه، بأنها قد أفسحت بهذا الخيار العصي على القبول من قبل شريحة كبيرة من المعارضين، المجال لتقدم بقية الجوائز المهمة في العالم، والتي كانت «نوبل» لاتزال تحجب عنها ضوء الشهرة.

basema.younes@gmail.com


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18080

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>