Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18080

يوهان فيخته

$
0
0
علاء الدين محمود

يعتبر الفيلسوف الألماني يوهان جوتليب فيخته (1762 - 1814)، واحداً من أكبر أقطاب «الفلسفة المثالية الألمانية» في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، والتي كان أبرز مؤسسيها وروادها كانط وهيغل وشيلنغ، وكان فيخته واحداً من كبار المفكرين العقلانيين، وتأثر جداً بفلسفة وأفكار كانط، وقد اعتبره الكثيرون امتداداً لفلسفته، وقد وجد فيخته في أفكار كانط الفلسفة الأكمل التي وجب أن تستلهم وتتمثل، ولقد عبر عن ذلك عندما ذكر بأنه قد أسلم نفسه كلها وكرسها لدراسة فلسفة كانط، تلك الفلسفة التي وصفها فيخته بأنها تروّض الخيال وتكبح جنوحه لديه، وبأنها تعطي أهمية للعقل وترفع الروح كلها فوق الشؤون الإدارية، ومع فلسفة كانط يؤكد فيخته بأنه قد اتخذ أخلاقاً نبيلة، بدلاً من أن يتعلق بأمور خارجة عن نفسه، وهو الأمر الذي منح فيخته براحة لم يشعر بها من قبل، وصار يعتني بذاته، وربما يشير فيخته هنا إلى تلك الراحة الكبيرة التي وجدها من خلال الاطلاع على منجز كانط «نقد العقل العملي أو ميتافيزيقا الأخلاق»، وقد أسس فيخته كثيراً من المفاهيم والأفكار الفلسفية التي تناثرت في كتبه وفي مؤلفاته والتي من أبرزها: المبادئ الأساسية لنظرية العلم (1794)، أسس نظرية الحق الطبيعي (1796)، نظرية الأخلاق (1798)، أساس إيماننا في العناية الإلهية (1798)، الدولة التجارية المغلقة (1800)، خطابات إلى الأمة الألمانية (1804).
ولد فيخته في أسرة متواضعة، وهذه الوضعية دفعته للعمل باكراً في أعمال صغيرة، إلى جانب المواظبة على الدروس الدينية، وقد عرف بالذكاء والنبوغ منذ ذلك الوقت الباكر، فتبناه الرجل الثري البارون ميلتز وأشرف على نفقاته التعليمية ودفع به إلى معهد معروف، وهو معهد «بفورت» في الفترة من 1774 حتى 1780، وبفضل هذا النبوغ التحق فيخته بجامعة يينا ودرس هنالك في قسم اللاهوت، حيث تلقى دروساً في تاريخ الأديان وفقه اللغة، ثم انتقل إلى جامعة «لايبزيغ»، ليعمل هنالك أستاذاً في اللاهوت، غير أن فيخته أراد لنفسه دوراً آخر فتمرد على هذا الواقع، لقد شغلته دُنى وعوالم كانط، فقرر تدريس فلسفته في «لايبزيغ»، وقد كان للقائه بكانط دور كبير في زيادة تأثره به، ويبدو أن كانط قد استهواه تماماً، فقام بتطبيق أهمّ الأفكار الكانطيّة على فلسفة الدين.
كانت الآراء والكتابات الجريئة التي طرحها فيخته في جامعة يينا، التي عاد لتدريس الفلسفة فيها، سبباً في مواجهته للسلطة السياسية، خاصة أن فيخته كان يطالب من خلال كتاباته بحرية الفكر والصحافة، وهو ما جعله في مرمى الاتهامات السياسية، وبالتالي المواجهة مع النظام، وهذه المواقف قادت إلى فصله من الجامعة في 1799، لينتقل إلى برلين ويعمل عميداً لجامعة برلين في 1810، ويرصد كثير من الكتاب والمؤرخين والمهتمين بالفلسفة ما حل بفيخته من التغييرات التي كانت أقرب للانقلاب في فكره، من خلال مؤلفاته وآرائه المتأخرة على نحو ما جاء في مؤلفه «خطابات إلى الأمة الألمانية» الذي صدر في عام 1804، وهي المتغيرات التي زحزحته عن القناعات العقلانيّة مرتداً إلى رجعية النزعة القومية المتعالية، ومن أشهر ما جاء في تلك الخطابات، ذلك القول لفيخته الذي يشبه البيان التأسيسي المنقلب على نزعته الانقلابية «أن نكافح ضد تهديم أكثر طموحاتنا نبلاً معناه أنها ما زالت قادرة على أن تولد فينا، أن نجابه إذلال أمتنا كلها بالوسيلة الوحيدة الباقية لنا بعد أن حاولنا عبر كل الأخريات، هذا ما تطرحه خطاباتي، إنها تحرضكم على أن تغرسوا في الأرواح عميقاً وفي قوة، بفضل التربية الوطنية الحقة القاعدة المبنية على الإيمان بخلود شعبنا، وهو ضمانة خلودنا نحن»! وقد اعتبرت هذه الآراء للفيلسوف فيخته، من الآراء والكتابات المؤسسة للنزعة القومية الألمانية التي بدورها شيدت البناء النظري للنازية.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18080

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>