Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

«تجليات».. يستعيد أجواء المؤامرة في «يوليوس قيصر»

$
0
0
دبي: محمد ولد محمد سالم

شهدت الليلة الرابعة من ليالي مهرجان دبي لمسرح الشباب في دورته العاشرة عرض «تجليات» إعداد مهند كريم عن مسرح شكسبير، وهي من إخراج نبيل المازمي ومهند كريم، ومن إنتاج مسرح الشارقة الوطني، وهي ثاني محاولة للتماسّ مع مسرح شكسبير خلال هذه الدورة بعد العرض الذي شهدناه في الليلة السابقة «لير ملك النحاتين» ما يعني أن هناك وعياً بضرورة الذهاب إلى الأصول المسرحية، والأعمال الراسخة فيه، ومحاورتها من أجل التجريب والتدريب في الوقت ذاته. وكذلك من أجل البحث عن رؤية مغايرة تلائم الراهن.
مهند كريم الذي أعد العمل وشارك في إخراجه، رأيناه فيما سبق في أعمال من هذا النوع الذي يرتكز على نصوص شكسبير، ويحاول أن يتجاوزها برؤية جديدة، فهو مشغول بالحفر في أعماق هذا الكاتب الكبير لعله يخرج برؤية جديدة، بوصف شكسبير من الأسماء اللامعة وهو منبع من منابع الثراء الإبداعي والتجربة الإنسانية بكل أبعادها وتناقضاتها، تلك التجربة التي عليها يدور المسرح في كل زمان ومكان، ويحسب له اجتهاده الدائم في ذلك البحث المضني الذي لا يتوقف، والذي لا شك أنه سيوصله يوما ما إلى إبداع ذا قيمة كبيرة.
يقوم أبطال شكسبير في مسرحية «يوليوس قيصر» في العرض الجديد من قبورهم (أنطوني، وبروتس، وكاسيوس، وكاسكا)، ويبدأ كاسيوس في حياكة مؤامرته ضد قيصر الذي لا يظهر في المشهد، ورغم أن الأسماء هي نفسها أسماء الأبطال في مسرحية يوليوس قيصر، والموضوع هو السعي للتخلص من قيصر إلا أن الشخصيات تبدو جزءاً من مجمع يسمى «مرصد المدينة» وهم أتباع لولي صوفي، وما يغضب كاسيوس الجديد في قيصر الجديد هو كونه ظل يتقرب إلى الولي حتى سيطر على قلبه، واستأثر به دونهم، وأصبح الولي لا يسمع إلا كلامه، وأصبح هو الآمر الناهي، ويخشى كاسيوس أن قيصر سوف يستخدم المرصد من أجل مصالحه الشخصية، ويقضي بذلك على مستقبله، لذلك يسعى إلى إقناع بروتس المقرب من قيصر والمحبب لدى الشعب بمشاركته في قتل قيصر، ويوهمه بأن هذا من أجل مصلحة المرصد التي هي فوق مصلحة قيصر، وحب قيصر، وكما في المسرحية الشكسبيرية يقتنع بروتس، ويقتلون قيصر، لكنّ أنطوني قائد نبيل له مكانة كبيرة لدى الشعب، يرفض عملية القتل، ويقنع أتباع المرصد بالثورة ضد كاسيوس وبروتس، ويساعده في ذلك كاسكا الذي يقود جنود المرصد ضد المتآمرين ويقضي عليهم، وتنتهي المسرحية بصلب كاسيوس وبروتس على أسوار المرصد، جزاء تآمرهم، ويعود أنطوني وكاسكا إلى قبريهما.
قدم المخرجان نبيل المازمي ومهند كريم مشهدية جميلة وحركية من خلال استخدام عناصر السينوغرافيا، خاصة الإضاءة التي كانت مواكبة للمواقف عاكسة لأجوائها بحرفية كبيرة، وكذلك كان لاستخدام سلم العرض المتحرك فائدة كبيرة في عدة اتجاهات، فهو شرفة كشرفة قصر الحكم، وهو مدرج كمدرج المؤسسات العلمية، وهو قد استغل أسفله ليشكل المرصد نفسه الذي يسكنه الولي وأتباعه، كما كان للموسيقى والغناء دور في تعزيز تلك المشهدية، وإعطائها عمقاً، وكانت حلول المخرجيْن لتغيير المشاهد والماكياج واللباس رشيقة، وسلسة بحيث لم تربك المتفرجين، كما كان الممثلون على درجة عالية من الحرفية.
تعيد المسرحية سيرة الغدر والمؤامرة في رائعة شكسبير، وتعيد سيرة النفس البشرية التي يسيطر عليها الحسد فيؤدي بها إلى أبشع صنوف الغدر، لكن المخرجين ينزّلان تلك السيرة في مكان آخر وزمان آخر، هو مكان وزمان المرصد، ورغم المزج بين الحالتين، إلا أن العرض الجديد لا يضيف شيئاً على المعاني والمقاصد القديمة لشكسبير، وخارج عملية التنزيل تلك، لم يستطع المخرجان أن يخرجا عن إطار شكسبير، ومع ذلك فمجرد تصور قيام أبطال المسرحية من قبورهم، واستعادتهم في مجتمع جديد، ومحاورة شكسبير بهذه الطريقة، هي محاولة ناجحة تحسب لهما، وتدل على وعي مسرحي متقدم.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>