طُفْ بالإماراتِ واشهدْ أمرَها العَجَبا
ما عادَ خدُّ الظّبا في روضِها تَرِبا
واكتبْ على غُرّة التاريخِ معجزةً
كبرى، بفيض التجلّي واملأ الكُتُبا
فلن تحارَ بها عيشاً وملتجأ
أنّى اتجهتَ يُساقطْ نخلُها رُطَبا
هُنا دُبيُّ، وبُوظبيٍّ، وشارقةٌ
هُنا الفجيرةُ، قلْ ما ترتجي طَلبا
أو شئتَ عجمانَ، أو أمَّ القُوَينِ معاً
أو فافترشْ ظلَّ رأسِ الخيمةِ الرَّحِبا
واغرفْ منَ البَحر فيضاً من لآلئها
وحبّةً، حبّةً من رملِها ذهَبا
واغضُض قليلاً، هنا أرضٌ مباركة
بالعزّ سوّرها أبناؤها النّجُبا
أركانها سبعة في سبعةٍ شمختْ
بهالةِ الفكر مطبوعاً ومُكتَسَبا
فالحِلمُ والسَّيفُ في عزم الأمور معاً
لا الحِلم جافى ولا سَيْفُ القضاءِ نبا
تلك أسرارُها كالدُّرِّ كامنةٌ
مجداً على صفَحاتِ الموجِ قَدْ كُتِبا
حتى سَمَتْ كوكباً في كوكبٍ وغدتْ
كلُّ الشعوبِ ترى في أرضِها أرَبا
ثمّ استوتْ أمّةً في حِضنِها أممٌ
تغفو فلا حَزَناً تخشى ولا سَغَبا
وصدرُها لِهُموم الناس متَّسعٌ
وكلّما ضاقتِ الدُّنيا بهمْ رَحُبا
وإننا بجميل الشعر ننشدها
أصيلة عزّت الإسلام والعربا
وإننا بدماء القلب نحرُسُها
لو عادَ أبرهةُ المأفونُ مغتَصِبا
وإن تجاسرَ موتورٌ فسوفَ يرى
الغيظَ منّا ومن أعدائنا الحطَبا
«عيالُ زايدَ» والساحاتُ تعرفُهم
دارُ الحليم فحاذِرْهُ إذا غَضِبا
كالماءِ بين الروابي في تواضعهمْ
وإنّه السّيلُ لا يبقي إذا اضطربا
فذاكَ طبعُ الخليج الحُرِّ مكرمةٌ
وإن دنا بعضُ ضيمٍ ضجَّ واصطخبا
طُلاّب حقٍّ وإن طالتْ مسالكُه
والحقُّ إن كانَ مطلوباً فما اغتُصبا
الباذلون لكي يبقى بهيبتِه
رأسُ الإماراتِ مرفوعاً ومُنتصِبا
الزارعونَ بذورَ الخير في غدِهم
فالأمسُ كان غداً واليومُ قد وَجَبا
السائرونَ إلى الأمجادِ قافلة
ولمْ تجد بينهمْ لهواً ولا لَعِبا
ولا ينامون في سَعْدٍ وفي دَعةٍ
إلا إذا لوّنوا الأحلامَ والهُدُبا
كأنما زايدُ الخيراتِ بينهمُو
يحدو وينثُر ما أعطى وما وَهَبا
شيخُ العصُورِ وقدْ شعّت مناقبُه
شرقاً وغرباً وقد أضحت لها قُطُبا
ورايةً يَبْهرُ الأعلامَ شاهقُها
تسمو مُباركةً شعباً ومُنتسَبا
الواقفونَ بعينِ الموتِ مَسْبَعةً
وإن تمادى حَقودٌ أمطروا شُهُبا
الشاكمونَ الرّدى في عِزّ موضِعِهِ
العابرونَ المنايا جَحفلاً لَجِبَا
المانحونَ بلا مَنٍّ ولا طلبٍ
الباذلونَ وإن نالوا به سَغَبا
من التعفّف والإيثارِ فِطرَتهم
كأنَّ ضيفَهُمو باقٍ وهمْ غُرَبا
حتى دشاديشهمْ بيضاءُ ناصعةٌ
كأنْ عليها نقاءُ الرّوح قد سُكبا
أمّا العقالُ فعِدلُ الأرضِ حكمتُه
تُزيّنُ العقلَ والأخلاقَ والأدبا
ورحتُ أبحثُ عن مجد ومفخرةٍ
فلم أجدْ فوقهُم نحو العُلا رُتبا
ما كانَ للمجد أن يبقى بلا لقب
إنّ الإماراتِ قدْ أضحتْ له لقبَا