Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

«اسكوريال».. سخرية مريرة من المظاهر الزائفة

$
0
0
دبا الحصن: محمد ولد محمد سالم

اختتم مساء أمس الأول مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي في دورته الثانية، بعد خمسة أيام من العروض اليومية، والورش والندوات الثقافية المصاحبة، التي أعطت حراكا ثقافيا لهذه المدينة الصغيرة الهادئة، واستقطبت جمهورا متنوعا بين البالغين وطلاب المدارس، وحضرها ما يزيد على مئة من خبراء المسرح العربي، وشاركت فيها خمسة عروض من الإمارات والبحرين وتونس وسوريا ولبنان.
كان عرض الختام مع مسرحية «اسكوريال» للكاتب البلجيكي ميشيل دغيلدرود، من إخراج حميد سمبيج، لمسرح الشارقة الوطني، ومثل فيها الثنائي عبد الله مسعود ورائد الدالاتي.
تنطلق المسرحية بملك وحيد أمام عرشة، وقد أزعجته أصوات كلاب تنبح، وأصابته بالتشنج، فيبدأ في الصراخ، وينادي على حرسه - الذين لا يظهرون - أن يقتلوا تلك الكلاب، وبعد لحظات تصمت أصوات الكلاب، ويعود الملك إلى هدوئه، فيدخل عليه الراهب طالباً الإذن بدق النواقيس، التي يبدو أنه أمر بعدم دقها، فيرفض الملك ذلك، ويؤكد له أن قراره لا رجعة فيه، ويعود الملك إلى عصبيته، فيتهجم على الراهب وينزع عنه أثواب الرهبنة، ويتهمه بالكذب والخداع، وبأنه ليس سوى كلب من تلك الكلاب المسعورة التي تصيح في أذنيه، وتريد أن تفترسه، وأن الشعب من ورائه هم أيضاً كلاب حقيرة وحاقدة، ثم يطرده خارج القصر.
في خضم ضيقه وعصبيته يتذكر مُهرّجَه الذي يسليه بقصصه ونوادره، فينادي عليه، فيدخل المهرج، ويؤدي بعض الحركات البهلوانية، ويطلب منه الملك أن يسليه ببعض قصصه الساخرة، يحاول المهرج جاهداً أن يلبي طلب ملكه، لكنه يبدو على عادته، غير قادر على استظهار النكات، ولا يزيد على بعض الحركات البهلوانية التي لا تثير ضحك الملك، بل تزيده تشنجاً، فيسب المهرج، ، ويأمره بالانبطاح والنباح، فينبح بشكل متواصل، يزيد من عصبية الملك، الذي يأمره بالتوقف، لكنه لا يتوقف، ويكتشف الملك أنه يبكي، فيرتاب في أمره، ويطلب منه من جديد أن يروي له حكاية، فيستعفي المهرج منه، ويدّعي أنه منهك، ويريد أن ينام، لكن الملك يصر، فيبدأ المهرج في سرد حكاية عن تقليد يقوم به بعض السكان في يوم معروف، حيث يأخذون رجلاً عادياً ويصنعون له عرشاً وتاجاً وصولجاناً، ويجعلونه ملكاً، ويقدمون له الطاعة ويصنعون له وليمة، حتى إذا فرح ذلك المسكين بما صار عليه، وصدق أنه ملك، يعمدون إليه، فينزعون منه التاج والصولجان، وينزلونه عن العرش، وأثناء تمثيله للدور ينزع المهرج التاج عن رأس الملك ويرمي به بعيداً، ثم يختطف منه الصولجان، ويرميه، وأخيراً يشده من فوق كرسيه ليبعده عنها، تزداد ريبة الملك في مهرجه. رغم ريبته يصفق الملك لمهرجه، ويقول له إنها حكاية جميلة، وإنه زيادة في الفرح يريد أن يتبادل مع المهرج الأدوار، فيلعب الملك دور المهرج، والعكس بالعكس، ويأخذ بيد المهرج الذي يمانع في البداية، ويصاب بالرهبة من تقمص دور الملك، لكن يجلسه على كرسي العرش، ويضع على رأسه تاجه، وفي يده الصولجان، ثم يبدأ الملك في لعب دور المهرج، والمهرج جالس يرتعد من الخوف، ويسرد الملك الذي صار مهرجاً علاقته مع زوجته التي تحتضر، ويقول إنها لم تكن تحبه، وقد أذاقته الأمرين، رغم أنه ملك، ويكشف للمهرج أنه على علم بعلاقته بزوجته، التي عشقها وعشقته، وقد رآه معها ذات يوم، فيصاب المهرج بالصدمة والذعر، وقد أيقن أن الملك سينادي سجانه ليطيح برأسه.
أثناء ذلك يسمعان صراخاً، فيعرفان أن الملكة قضت نحبها، ويسقط المهرج من وقفته أرضاً، ويصاب بحالة انهيار، ما يجعل الملك يوقن تماماً بأن المهرج على علاقة بزوجته، فيلتقط خنجره، ويطعن به المهرج، وتنتهي المسرحية على ذلك.
من الناحية الدرامية فإن المسرحية تسخر من مظاهر الغطرسة والعظمة، والبهرج الذي يحيط به بعض الملوك أنفسهم، وتقول إن كله مظهر زائف لا يعدو أن يكون تهريجاً، لذلك جعلت الملك يفشل في الوصول إلى قلب الملكة في الوقت الذي وصل إليه المهرج، وتجعله أيضا يتبادل الدور مع المهرج، في لعبة ساخرة، ولا شك أن العرض نجح في إيصال الفكرة للمتلقي، وكان عرضاً يحسب لحميد سمبيج في أولى تجاربه الإخراجية للكبار.
في يوم الختام أيضا كرّم أحمد بو رحيمة مدير إدارة المسرح، المشرفين على الورش التي نظمتها إدارة المهرجان بالتوازي مع العروض، وهي خمس ورش مخصصة لفن التمثيل وموجهة للهواة ولمنشطي المسرح بالمدارس، وهذه الورش هي: ورشة «التمثيل والمذاهب المسرحية» تحت إشراف الفنان المصري ناصر عبدالمنعم، و«التمثيل والارتجال» ويشرف عليها فريد الرقراقي، و«الممثل: الكتلة والفراغ» تحت إشراف عصام بوخالد، و«التمثيل بين الهواية والاحتراف» وتشرف عليها نورا أمين، كما كرم بو رحيمة أيضا أربعة من المشاركين في الورش بجائزة «الجهد المسرحي المتميز» وهم إبراهيم أنور، وعبير محمد علي، ووعد عبدالله، ونبوية عبد الجليل.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>