Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18085

«هناك»يناقش مأساة المهاجرين العرب على الحواجز الغربية

$
0
0
الشارقة: محمد ولد محمد سالم

افتتحت مساء أمس الأول في قصر الثقافة عروض مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي في دورته الثانية، بمسرحية «هناك» لفرقة الدوحة المسرحية، تأليف وإخراج عبد الرحمن المناعي.
تنفتح الستارة على مجموعة من المسافرين يحملون حقائبهم، وقد وصلوا لتوهم لحاجز عبور، فوجدوه مغلقاً، وتدافعوا أمامه، وبدأوا في التوسل إلى الجنود الذين يحرسونه بفتحه ليعبروا لكن الجنود استقبلوهم بالتهديد والصياح وأمروهم بالابتعاد عن الحاجز، فتراجعوا، وجلسوا على مسافة ينتظرون، وكان الإعياء قد أصابهم من طول المسافة التي مشوها.
مكان العرض خال من كل علامات للحياة، صحراء جرداء ليس فيه غير ذلك الحاجز الحدودي المصنوع من سياج شوكي مكهرب، والمسافرون منهكون ولا يملكون أي نوع من أنواع القوت، حتى شربة ماء لا يملكونها، وقد بدا الجنود متحفزين يسيرون على طول الحاجز، وبنادقهم موجهة إلى الجموع، يترصدونهم، ويهددونهم عند كل حركة.
تقدمت امرأة تحمل طفلاً نحو الجنود، وتوسلت إليهم أن يعطوها شربة ماء، وأعطوها قليلاً بعد أن لعبوا بأعصابها، وسخروا منها.. فانحازت إلى طرف وسقت وليدها، وبدأت تهدهده لعله ينام، لكنه كان جائعاً، فبكى كثيراً قبل أن يهدأ، وفي الوسط رجل متوسط العمر يعتمر قلنسوة أفغانية، يفتش بجنون عن سيجارة يدخنها، يمر على كل واحد من المسافرين يسأله بإلحاح، ولا يجد عندهم شيئاً، فيرجع إلى حيث وضع حقيبته، ويشكو من حاله ومن طول الانتظار الذي يعيشونه، ويلعن الحواجز والجنود، ويبدو يائسا، وينتبه إلى رجل عن يساره كان يجلس على حقيبته وبين يديه كاتب يقرأ فيه، فيقترب منه، ويطلبه سيجارة، لا يجيبه الرجل أول الأمر، ثم ينتبه إليه عندما يعيد عليه السؤال، فيجيبه بأنه لا يدخن، فيسأله عن الكتاب الذي يقرأ فيه، فيقول له إنه «ملحمة غلغامش»، ويعيد عليه السؤال من جديد إن كانت لديه سيجارة، فينهره القارئ ويطرده.
يعود الرجل إلى مكانه، لكنه متوتر ولا يستطيع أن يجلس، فيتجول من جديد بين المسافرين الجالسين بكآبة في حالة انتظار لا يبدو أنها ستنتهي.. لا شيء يتغير، كلهم يزدادون كآبة ويأسا، بعضهم يتشاجرون، ويتنازعون على أتفه الأشياء، وتارة يغنون كأنما يسخرون من واقعهم.. ينتبه الرجل المتوتر إلى أن امرأة نائمة هي وابنها من دون حراك، فيخشى أنها ماتت، أو أن الجنود سمموها بجرعة الماء التي أعطوها، فيلجأ إلى الرجل القارئ، لعله يعينه في أمرها، وأثناء الأخذ والرد بينهما، نكتشف أن كلاً منهما قادم من بلاد حرب مجنونة أكلت أهلهما وأرغمتهما على الفرار بنفسيهما، بحثاً عن أمان أو فرصة جديدة، فالأول أفغاني قتل أخوه في حرب الإخوة الأعداء التي نشبت بين أمراء الحرب بعد جلاء الاتحاد السوفييتي عن أفغانستان، والثاني عراقي فقد أحبته في تفجيرات مجنونة.
تستيقظ المرأة على صراخ ابنها الجائع فتصرخ، فيهرع إليها الرجلان، ويحاولان أن يأخذا منها الصبي، لكنها ترفض ذلك ويموت بين يديها، ومن شدة وقع المصيبة عليها، لا تصدق أنه مات، وترفض إعطاءه لهما لدفنه، وتقول إنها تريد أن تعبر به ليسلم على جدته التي كانت تتمنى رؤيته، وتظل متشبثة به مذهولة، تهذي بذكريات حياته المأساوية حيث مات زوجها عندما فجر المسجد الذي كان يصلي فيه الصبح، وكان اسمه (محمد)، وقد سمت ابنها أيضا باسمه (محمد)، ويدهش الأفغاني من الصدفة في تشابه المصائر، فأخوه قتل هو الآخر حين كان يصلي في المسجد، وأن اسمه محمد أصغر، وهو اسمه محمد أكبر، كذلك يقول لهم العراقي إن اسمه محمد، ويترك الرجلان المرأة لعلها تهدأ قليلاً، ويكون الرجل الأفغاني قد بلغ قمة توتره ويأسه، فيحمل حقيبته ويقرر العودة من حيث أتى، ويختفي.
فجأة يقرر الجنود فتح نقطة العبور لكن المرأة تمتنع عن الذهاب، لأنها تعرف أن الجنود لن يسمحوا لها بالعبور بابنها الميت، وهي لا تريد أن تفارقه، يحاول العراقي إقناعها بالذهاب معه، لكنها ترفض، وتطلب منه أن يذهب هو، لكنه يقول لها إنه لن يتركها، وفي تلك الأثناء يرى الجنود يغلقون البوابة، فيهرع إليهم، لكنهم يغلقونها قبل وصوله، فيعرف أن الفرصة قد ضاعت منه، وأن عليه أن يبدأ رحلة انتظار جديدة، لا يعرف هل ستنتهي أم لا، وفي هذه المرة يفقد صوابه، وينهار كالطود الشامخ الذي تهاوى، لكن المرأة هي التي تقف بشموخ، وتتولى تشجيعه ومحاولة إخراجه من يأسه، وقد حدث لها ذلك التحول بعد أن سمعته يقول لها إنه لا يمكن أن يتخلى عنها، فأعطاها أملاً، وهي المرأة الشريدة الوحيدة التي لم يعد لها سوى تلك العجوز الضعيفة التي تقطن خلف ذلك الحاجز المغلق، تشجعه أن لا ينهار في اللحظات الأخيرة، وأنها ستكون إلى جانبه، وأنهما سينجحان في العبور، وتقول له أن يأخذ الولد للدفن، وفي تلك الأثناء سيكون قد جاء إلى منطقة العبور خلق كثير، وقد بدأوا رحلة الانتظار القاتلة، كأنما يعيدون حياة أولئك المسافرين الذين عبروا لتوهم، وهكذا تنتهي المسرحية على مشهد يشابه المشهد الذي بدأت به.
استطاع المناعي أن يقدم بهدوء مأساة المهاجرين العرب والمسلمين على حواجز العالم الغربي الذي يرفضهم على الاسم والديانة، كلهم اسمه محمد، لذلك هم واقفون بتلك الأبواب الصدئة ممنوعون من الدخول، وكانت لحظات الصمت في العرض بليغة تدل على حالة الانتظار الكئيبة، واستعان بممثلين قديرين استطاعوا أن يتقنوا أدوارهم، لكن العرض يمكن أن تسجل عليه جملة من المآخذ، منها سكونية المشهد، وبقاؤه على حالة واحدة دون تغيير، وسلبية ذلك العدد الهائل من الممثلين الذين احتشدوا على المسرح دون حراك، ودون أن يؤدوا أي دور يذكر، بينما بقي العبء على ثلاثة ممثلين فقط، والحارسين في حالات قليلة، ومن المآخذ أيضا الخلط بين صورة الحواجز «الإسرائيلية» في فلسطين المحتلة، وبين صورة حواجز الغرب في وجه المهاجرين العرب والمسلمين، وهما مختلفان، وطبيعة العابرين عليهما تختلف، وكذلك الخطابية والمباشرة في الأفكار، ولا ننسى فداحة الأخطاء اللغوية التي كانت ترتكب من طرف الممثلين.

ندوة عن المسرح الكويتي

مكانة المسرح الكويتي وتاريخه الكبير إلى جانب تأثيره على المسرح الخليجي جعلته يتصدر سلسلة الندوات المصاحبة للمهرجان فكانت السهرة الأولى في سلسلة ندوات «عين على المسرح الخليجي» مخصصة للوقوف على تجربة المسرح في دولة الكويت والوقوف على راهن المسرح الخليجي في ندوة اتسمت بالتفاعل الكبير لتجد محاورها المختلفة تجاوباً كبيراً من ضيوف المهرجان من مختلف الدول الخليجية.
من العنوان الكبير راهن المسرح الخليجي انطلق المتحدثون في الندوة التي أدارها د. خليفة الهاجري، وتحدث فيها كل من د. نبيل سعيد الفيلكاوي، نائب رئيس نقابة المسرحيين الكويتيين، إلى جانب الكاتبة المسرحية أنعام سعود، والمسرحية المعروفة أسمهان فاروق، ولما كان من الصعب الحديث عن الراهن من دون استصحاب مرحلة البدايات والتأسيس، آثر د. نبيل الفيلكاوي تقديم فذلكة تاريخية عن المسيرة الممتدة من لدن بداياتها الأولى في المدارس الكويتية مروراً بنشوء الفرق المسرحية، وحتى زيارة الفنان المصري زكي طليمات للكويت والدور الكبير الذي لعبه في تحول الحركة المسرحية هناك إلى حركة احترافية، كما تناولت أسمهان فاروق تطور النص المسرحي في جميع هذه الفترات وأشارت إلى أثر هذا التراكم على الراهن المسرحي الذي ترى أنه يشكو قلة النصوص الجيدة.
وتوقف الجميع لدى محطة المخرج والمؤلف والممثل الكويتي صقر الرشود «1941 - 1978»، والتي تمثل نقلة كبيرة في الحركة المسرحية، ليتم تصنيف تاريخ المسرح في الكويت إلى مرحلتين مرحلة ما قبل صقر الرشود وما بعده، وكانت قضايا المرأة ودورها في المسرح حاضرة حيث استعرضت أنعام سعود دخول المرأة للمجال، والدعم الذي وجدته من الرجل في هذا الصدد، مشيرة إلى أن بداية مشاركة المرأة في المسرح كانت عبر فرقة المسرح العربي في أكتوبر/‏‏‏‏تشرين الأول من العام 1961 عبر ظهور الفنانتين مريم الصالح ومريم الغضبان، وخلصت إلى أنه ولكي تتوج كل هذه الجهود التي بذلها رواد المسرح لا بد من أن يتحول إلى صناعة، وأشارت إلى أن أزمة غياب الصناعة المسرحية عبر إنتاج عروض تصرف عليها الدولة لا تقتصر على الكويت بل تعتبر إشكالاً عربياً باستثناء بعض الصناعة القليلة في مصر، وأبانت سعود أن إلقاء اللوم على المسرح التجاري بوصفه سبب التراجع الذي تعيشه الحركة المسرحية اليوم، يعتبر تجنياً عليه، مشيرة إلى أهمية المسرح التجاري والدور الذي يجب أن يضطلع به.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18085

Trending Articles