تدور حكاية المسرحية العمانية «حرب السوس» تأليف حميد فارس، وإخراج مرشد راقي عزيز، لفرقة السلطنة للثقافة والفنون، حول حياة حي من مزارعي النخل، يكتشفون أن السوس بدأ ينخر نخلهم، ولا يعرفون كيف يقاومونه، ثم يتحول السوس إلى وباء يصيب نحاف أحد أبناء الحي، ويذهب به في طريق الموت.
يحتار أهل الحي في الوسيلة التي يمكنهم بها مقاومة ذلك الوباء، ويلجأون إلى كبيرهم الذي يشير عليهم بالتخلص من نحاف، لأنه يحمل وباء إذا لم يستأصل في تلك اللحظة فسوف يقضي عليهم جميعاً، لكن أم نحاف ترفض ذلك وتتهم كبيرهم بأن رأيه فاسد، وأنه لا يهتم إلا بنفسه، ولا تهمه حياة الآخرين، وتصيح وتنادي في أهل الحي، أن نحاف ابنهم، ولا ينبغي أن يقتلوه، ويتعاطف معها أهل القرية، فيخيب أمل كبيرهم الذي يحذرهم سوء العاقبة.
خلال الأحداث، يظهر شاب اسمه سليم في الحي الذي كان قد طرد منه بسبب سوء أفعاله، فيبشرهم بعودة «قحيفان» ذلك الرجل الذي سيحل لهم جميع مشاكلهم، لكن كبيرهم يحذرهم من سليم، ومن قحيفان فهما بالنسبة له مجرمان مفسدان، و يلجأ سليم إلى تشويه سمعة كبير القرية، فيشيع أنه يربي يرقات السوس، ويبثها في مزارع أهل القرية، لكي يموتوا جوعاً، وينجح في ذلك، حتى إنه ينجح في التفريق بينه وبين أقرب شخص إليه، وهو ابنته الوحيدة التي تقتنع بدورها بأن أباها هو من كان وراء تلك المصيبة العظيمة التي حلت بهم، وينقلب أهل القرية على كبيرهم، فيطردونه من القرية، وحين يتم لسليم ما أراد، ويصبح سيد أهل القرية يبدأ في التخلص من رجالها الذين يشكلون خطراً عليه، ويكشف عن وجهه الحقيقي، فهو ليس سوى قحيفان الذي كان يحلم بتلك اللحظة التي يقضي فيها على القرية ونخيلها، وقد خطط لذلك، وهو الذي بث السوس فيها، ثم يشعل النيران في القرية ونخيلها ويبيد رجالها، ويختفي.
عانت مسرحية «حرب السوس» من اضطراب في الطرح الدرامي، فلم تكن لها نقاط تركيز قوية تقوم عليها، ونشأ ذلك الاضطراب من غموض ما يدافع عن كبير القرية، وغموض ما يمكن أن يجلبه سليم وقحيفان للقرية من تغيير، وهذا ما جعل نهاية المسرحية تناقض سياقها الذي سارت عليه منذ البداية، فكبير القرية بدا على طول المسرحية رجلاً متزمتاً منغلقاً عن أفكار التغيير رافضاً لها، حتى إن تزمته ذلك أضر بابنته الوحيدة، وأحالها إلى عانس، لكن النهاية تجعله على صواب في تزمته ورجعيته، وتجعل قحيفان الذي كان أملاً للقرية مجرماً.
الاشتغال الفني شابه خلط واضطراب في كثير من جوانبه، بدءاً بالأشباح التي لم تؤد أي دور يذكر سوى في البداية عندما كان تمكن المرض من نحاف وغاب عن الوعي فبدت له تلك الأشباح المتحركة المخيفة المحدقة به، وحتى وجودها هنا كان ثانوياً، لأن نحاف نفسه هو شخصية ثانوية في العرض، بدليل أنه مات في بداية العرض، وبعد ذلك الحدث أصبحت الأشباح عبئاً على العرض، وكثيراً ما كانت تظهر في مشاهد واقعية وتختلط بالشخصيات، وكذلك الإضاءة حدث فيها خلط واضطراب كثير.
الشارقة: محمد ولد محمد سالم