انطلقت صباح أمس في فندق الهوليدي إنترناشيونال أعمال الملتقى الفكري المصاحب للدورة الثانية من مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي تحت عنوان «المسرح الخليجي اليوم: مضامينه وأساليبه»، وقسمت أعمال الملتقى إلى جلستين، شارك في الأولى سامي الجمعان، وطفاء حمادي، سكينة مراد، سعد كريمي، وأدارها مرعي الحليان. أما الجلسة الثانية فشارك فيها كل من يوسف حمدان، عبدالكريم جواد، أسامة أبوطالب، وأدارها ظافر جلود.
قدم المشاركون في الملتقى مجموعة من الأوراق البحثية التي قرأوا فيها واقع العمل المسرحي في دول الخليج، راصدين جملة المتغيرات التي طرأت على المسارح الخليجية وطبيعة الأعمال المقدمة على خشبتها، سواء كان هذا التغير على الصعيد الفكري والموضوعات المتناولة حيث انتقل المسرحيون من الثيمات المحلية الضيقة إلى فضاءات إنسانية أرحب وأوسع، أو على الصعيد الفني والتطوير والتجريب لأساليب إخراجية حديثة والاشتغال على عنصر البصر والجسد.
كما تناولت الجلسات واقع المسرح الخليجي في ظل السنوات العشر الأخير، حيث زادت نسب المشتغلين بهذا المسرح وتعددت مؤسساته ومناسباته وجوائزه ومنشوراته، وأكد المشاركون أن هناك حركة متطورة والمسرح الخليجي يسير إلى الأمام، وهناك بوارق أمل يجب الإمساك بها، ويجب مناقشتها بإيجابية وجدية، من دون الركون إلى الحالة السابقة والتي حملت الكثير من السوداوية والتشاؤم في معالجتها لوقعها ومستقبلها، حيث يمكن رؤية جملة من النجاحات التي حققتها تجارب فردية أو جماعية على صعيد الخليج عموماً وفي كل بلدانه، وهذه التجارب هي ما يجب الركون إليه والسعي نحو تطويرها ودعمها، وقراءة أبعادها عبر الأبحاث النقدية الرصينة التي تعمل على رصد جماليتها والنواحي السلبية والإيجابية فيها، والتأسيس لمخزون معرفي حول هذه التجارب، بحيث يكون هذه المخزون منصة يمكن الاستناد إليها في قراءة مسيرة المسرح في كل بلد من البلدان ومعرفة المواضع والأفكار الفكرية والفنية التي حكمت الاشتغال المسرحي في كل فترة زمنية.
الجلسة المسائية
ضمن فعاليات المهرجان أقيمت مساء أمس الأول في فندق الراديسون بلو، جلسة حوارية تحت عنوان «عين على المسرح الإماراتي» شارك فيها الفنان سعيد سالم، والفنان محمد يوسف، وأدارها الفنان الرشيد عيسى.
تناولت الجلسة جملة القضايا الماثلة أمام المسرح الإماراتي، وواقع الفرق المسرحية العاملة في الدولة، والإنجازات التي استطاع المسرح الإماراتي تحقيقها عبر مسيرته الطويلة، والمأمول من المسرحيين إدارات وفنانين، لتطوير هذه المسيرة والمضي بها قدماً، والسلبيات الماثلة اليوم، والحلول الكفيلة بتخطي العقبات، وكيفية التوجه نحو إنتاج أعمال محلية رائدة على صعيد العالم العربي، وكيف يمكن لهذا المسرح أن يكون منتجاً وفاعلاً ومواكباً للنهضة الثقافية في الدولة.
وأكد المشاركون أن للمسرح الإماراتي تاريخاً مشرقاً وحافلاً بالعديد من التجارب والعروض التي كانت ترسم ملامح البدايات المسرحية بما يكتنفها ويكتنف روادها من روح الحماسة والاندفاع، هذه الروح التي شكلت العامل الحاسم في استمرارية العطاء المسرحي، والتطور الكبير الذي شهدته الحركة المسرحية على الصعد كافة فنياً ومعرفياً. مشيرين إلى أن هذا الجهد الذي بذله المسرحيون، قابله دعم وعطاء غير محدودين من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي ما فتئ يقدم كل الدعم المادي والمعنوي في سبيل تطوير الحراك المسرحي ورفده بالطاقات الإبداعية على كل المستويات، فالحركة المسرحية في الإمارات محظوظة بوجود سموه، وهو رجل المسرح والعاشق لتفاصيله، وقلما تحظى البلدان بحاكم يولي كل هذا الاهتمام والعناية للثقافة عموماً وللمسرح خصوصاً.
وفيما يختص بواقع المسرح في الدولة اليوم، أشار محمد يوسف وسعيد سالم إلى جملة من القضايا المهمة، يأتي في مقدمتها أن الساحة تشهد حراكاً متواصلاً عبر جملة من المهرجانات المسرحية التي تختص في كافة أشكال المسرح وصنوفه (مونودراما، ثنائي، كشفي، صحراوي، خليجي، أيام الشارقة، مسرح الشباب، مسرح الطفل، المسرحيات القصيرة)، وهو ما يمنح الإمارات الكثير من التميز على الصعيد المسرحي، وما يخلقه هذا الزخم من إبداعات لا محدودة، وما يحققه من نتائج مهمة عبر رفد الساحة المسرحية وبشكل متواصل بالمبدعين من ممثلين ومخرجين وكتاب وسينوغرافيين وتقنيين..إلخ.
وبالرغم من أن واقع المسرح في الإمارات واقع نشيط، فإن هناك بعض المشاكل التي تعانيها الفرق المسرحية الموزعة على كافة إمارات الدولة، والتي تتراوح في مستوياتها، سواء كان ذلك على صعيد البنية التحتية أو الإعداد والخبرة الفنية أو على الصعيد التنظيمي.
هذا بالإضافة إلى أن الفرق الأهلية تشهد فترات نشيطة، وفترات تكون في سبات عميق، وهذا يمكن إرجاعه إلى عدة عوامل مثل ندرة النص أحياناً، وندرة الممثلين، حيث إن أكثر الفنانين يتجهون نحو التلفزيون لما فيه من مردود مادي أكبر وشهرة أوسع، إضافة إلى ضعف الإمكانات المادية أو الفنية وعدم وجود الخبرات الكافية والضرورية التي تستطيع تحقيق أعمال جيدة تستحق العرض، إلا أن المعضلة الكبرى تكمن في الجانب الإداري لدى بعض هذه الفرق، مما شكل عائقاً أمام الإنتاج في كثير من الأحيان، وهو ما يتطلب تجديد الدماء في شرايين هذه الإدارات وتغيير طريقة تفكيرها وعملها السابق، بما يسمح للفرقة وأعضائها التركيز على إنتاج مسرح جاد ومتميز يستطيع أن ينافس ويطور ويستقطب الجماهير.
وختم المشاركون بجملة من الاستنتاجات التي من شأنها أن تذلل العقبات، مشيدين بالطاقة الشبابية الصاعدة في المسرح الإماراتي، فهي طاقة خلاقة حماسية، من شأنها أن تدفع الإنتاج قدماً وتحسن من ظروفه، خاصة أن هذه الإبداعات خرج معظمها من رحم المهرجانات المحلية كما هو الحال في مسرح الشباب والمسرحيات القصيرة.