استضافت قاعة الراس في فندق الإنتركونتننتال في دبي، ضمن فعاليات المهرجان ندوة «ابتكار المستقبل»، والتي ناقشت كتاب «إيلون ماسك» للصحفي الأمريكي أشلي فانس المتخصص في الكتابة عن الأعمال والتكنولوجيا.
قدم فانس في هذا الكتاب قراءة بانورامية تستعرض السيرة الذاتية الاستثنائية ل«إيلون ريفي ماسك» المهندس الكندي - الأمريكي، المخترع المعروف، الذي اشتهر بتأسيس عدد من الشركات العالمية، كشركة «سبيس إكس»، وشركة تصنيع السيارات الذكية «تيسلا موتورز».
فانس صحفي مختص في مجال التكنولوجيا، كتب عن «وادي السيلكون»، وعن الأماكن والأشخاص الذين جعلوا من وادي السيلكون إمبراطورية التكنولوجيا العالمية، وهو ما أهله ليميط اللثام عن سيرة «ماسك» ويتعمق في حياته الشخصية والعملية.
تناول فانس خلال الحوار الظروف التي دفعته نحو هذه الشخصية المبدعة، وكيف أقنع «ماسك» بكتابة سيرته الذاتية بعد محاولات عديدة، مشيراً إلى أن الكتاب يأخذ القارئ في رحلة تستكشف حياة هذا العبقري منذ كان طفلاً يعيش مع والديه في جنوب إفريقيا، ومع بلوغه 12 عاماً باع «ماسك» شفرة للعبة بسعر 500 دولار، وقبل أن يتخرج من المدرسة الإعدادية، انتقل إلى كندا في عام 1988 وكان قد بلغ من العمر 17 عاماً.
في سن 19 قُبل ماسك في جامعة «وكينز» في مدينة كينجستون أونتاريو، إلا أنه لم يكمل دراسته فيها، وانتقل إلى جامعة بنسلفانيا، التي تخرج فيها بدرجة بكالوريوس في الفيزياء، وفي عام 1992 أنشأ ماسك شركة zip2 لبرمجيات الإنترنت، وفي عام 1999 شارك ماسك في تأسيس شركة x.com، وهي شركة مالية تتيح للمستخدم الدفع من خلال الإنترنت، والتي تحولت فيما بعد إلى موقع باي بال العالمي، وإحدى أهم المنصات التي تنافس البنوك وخدمات الدفع الإلكتروني.
وأشار فانس إلى أن مسيرة «إيلون ماسك» تمتاز بمجموعة من الرهانات المجنونة، حيث كانت معظم أفكاره محط تساؤل أو سخرية من قبل كبريات الشركات العالمية، وأحد هذه المشاريع هو مشروعه الفضائي، والذي انتهى بتأسيسه شركة «إكس سبيس»، والذي كان امتداداً لحلم قديم له، حلم بدأ في تخيله عام 2001 فيما سماه «واحة المريخ»، وهو ببساطة محاولة لخلق بيئة مناسبة لاستضافة الحياة البشرية على المريخ، وقد أسس ماسك هذه الشركة بهدف واحد في رأسه، جعل السفر إلى الفضاء واقعاً لا يحتاج إلى استثمارات جنونية، ولا مركبات فضائية لا يعاد استخدامها.
كما تناول فانس، المشروع الكبير الذي حققه «ماسك» في مجال صناعة السيارات الكهربائية، مع إنشائه شركة «تيسلا» العالمية، والتي أعادت إحياء مفهوم وشكل السيارة الكهربائية، وغيرت نظرة العالم لهذه السيارة، حيث آمن ماسك تماماً في كون السيارات الكهربائية هي مستقبل السيارات.
الإرث المر
جلسة بعنوان «القبيلة الغريبة.. إرث همنجواي»، شارك فيها الكاتب الأمريكي جون همنجواي، حفيد الروائي العالمي إرنست هيمنجواي، قدم جون خلال الجلسة استعراضاً لسيرته الذاتية، التي وضعها في كتابه «القبيلة الغريبة»، حيث يواجه جون إرث عائلته، ويحلل رسائل إرنست همنجواي، ووالده غريغوري همنجواي، ويستكشف ملامح طفولته التي عاشها في ميامي ومونتانا، وكيف صقلت شخصيته وشكلتها، ليصبح ما عليه الآن.
أشار جون في بداية الجلسة إلى أن حمله لاسم عائلة شهير لم يكن نعمة بالقدر الذي كان فيه عبئاً يجب عليه أن يتعامل معه، فإلى جانب هذا الاسم نشأ مع أم تعاني انفصاماً في الشخصية، وجدّ على الرغم من كونه أحد العبقريات الأدبية في القرن العشرين إلا أنه كان يعاني الهوس والاكتئاب، وأنهى حياته منتحراً.
وأكد أن هذه المذكرات هي محاولة لإيجاد المغفرة والصفح تجاه والده. وحل تناقضاته وإرهاصاته الداخلية، إضافة إلى مساعدة الناس على فهم المشاكل والأسرار المتغلغلة في الأجيال المتلاحقة من عشيرة هيمنجواي.
والد جون هو غريغوري هيمنجواي، وكان أصغر أبناء إرنست هيمنجواي الثلاثة، من زواجه الثاني من السيدة باولين. وكان إرنست يلقبه ب «جيجي»، وكان يفتخر به كثيراً ويأخذه معه في رحلات الصيد، ولكن غريغوري كان كإرنست يعاني منذ وقت مبكر (الاضطراب الوجداني ثنائي القطب أو الهوس الاكتئابي) وهو أحد الاضطرابات النفسية التي تتميز بتناوب فترات من الكآبة مع فترات من الابتهاج غير الطبيعي، تؤدي بالشخص لقيام بأعمال طائشة وغير مسؤولة في بعض الأحيان.
تحدث جون عن أجمل اللحظات والذكريات مع والده، حيث كانا يترافقان معاً؛ لمشاهدة الأفلام، وكان ذلك بمنزلة تقليد ثابت لفترة طويلة، ومن الحوادث المؤثرة أنه في أحد الأفلام التي كانا يشاهدانها تظهر شخصية رجل مضطرب يجلس على كرسي في مكتب وبيده مسدس موجه نحو رأسه وفجأة يطلق النار، وبعد سماع إطلاق النار تكوم غريغوري في مقعده وبدأ يتمتم «لا.. لا.. يا آلهي لا»، وعلى الفور عرف جون أن ردة فعل والده القوية على المشهد كانت دليلاً على عمق الأزمة التي شكلها انتحار إرنست هيمنجواي بالنسبة لابنه، وأن هذه الحادثة ما زالت تؤثر بشكل كبير في والده.