Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18126

تسلل الشعر إلى الرواية

$
0
0
من المعروف أن الرواية فن، تبلورت في القرنين التاسع عشر والعشرين وأصبحت شكلاً تحتمل عدة لغات وأصوات ومواقف.. أما الشعر فهو ذلك الفن العريق والقديم الذي يجسد الأحاسيس والمشاعر، فقد سبق الرواية كفن حديث، هو فن يعنى بتصوير العالم ومشكلاته، وهذا يؤكد على افتراق الجنسين رغم أهميتهما ودورهما، لكن هذا الافتراق لا يؤكد القطيعة بين الجنسين، فكثير من الروايات اعتمدت في بنيتها على نوع من الشعر الذي لم يلغ الرواية كفن قائم بذاته، ويعتمد بشكل رئيسي على فن الحكي أو الروي.
بهاء طاهر الحاصل على جائزة بوكر العربية في دورتها الأولى، يرى أن الشعر شعر والرواية رواية ولا يمكن لأي منهما أن يكتب بلغة الآخر.
مثل هذا الرأي يؤكده كتاب آخرون بتأكيدهم على أن الجنسين هما فنان إبداعيان، وأن هناك روايات بنيت على لغة الشعر من دون الإخلال بقواعد الكتابة الروائية.
مؤخراً ومع حصول رواية «خريف البراءة» للشاعر عباس بيضون على جائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع الأدب، طرح السؤال مجدداً حول الشعراء الذين خاضوا تجربة الكتابة السردية ونجحوا فيها، بحسب الناقد التونسي كمال الرياحي الذي أشار إلى أن هذه الرواية تشكل استثناء جديداً كونها تخلصت من حمولة الشعر، فتدبرت أمر السرد وداورته بهويته وبلغته البراغماتية، كما تمكنت من صناعة خطاب شعري استعاري بلغة سردية مخصوصة.
الإشارة إلى الشاعر اللبناني عباس بيضون، استدعت قائمة من الشعراء الذين كتبوا روايات ناجحة، وكان معظم نتاجهم الأدبي قائماً على الشعر، ومن هؤلاء على سبيل المثال الشاعر السوري سليم بركات الذي قيل إنه اجترح خطاباً مخصوصاً ميزه عن بقية الشعراء وعن الروائيين، باستخدامه خطاباً استعارياً تحول إلى هوية واضحة في السرد الروائي، بينما سقط الكثير من الشعراء في ترحيل خطابهم الشعري إلى الرواية، فأخفقوا في ذلك.
غير أن تجربة سليم بركات في كتابة الرواية، لم تنجم عن أزمة في صنيعه الشعري، بقدر ما كانت مضيّاً في التجربة الفريدة التي خاضها، وهي تميل إلى النثرية ميلها إلى الشعر ولو كان تفعيلياً.
ومع هذا التداخل المشروع بين الرواية والشعر، يظل للشعر أدواته، كما للرواية أدواتها الخاصة، فلا يمكن لأحدهما أن يلغي الآخر.
يقول إرنستو ساباتو إن النثر هو النهار والشعر هو الليل، طعامه الوحوش والرموز، وهو كلام الظلمات والمهاوي. إذن ليس هناك من رواية عظيمة لم تكن في المحصّلة شعرًا. أما مارتن هيدغر فيقول «الشّعرُ هو جوهرُ الفنّ».

عثمان حسن


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18126

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>