Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18080

هوس الكتب

$
0
0
باسمة يونس

لم يخطر في بالي مطلقاً، أنه قد يأتي يوم أقرأ فيه موضوعاً في مجال علم النفس يطلق على من يحب جمع الكتب واقتنائها صفة المريض بـ«هوس الكتب»، ويصفه بالشخصية الـ«بيبليومانية».
ومع هذا، فمجرد إطلاق صفة المريض على عاشق الكتب، يجعله، في رأيي، أشد أنواع المرض غرابة وطرافة، ليس لأنني مهووسة بجمع الكتب، بل لأن كل عشاق جمع الكتب مثلي لا يعلمون، كما أظن، أن عشقهم نوع من أنواع الجنون الذي يصل إلى درجة الانفعال عند رؤية الكتب والرغبة في اقتنائها، وهو لا يعتبر ولعاً من صاحبه بالعلم أوالمعرفة أو الثقافة العامة فقط، بل كما يقول علم النفس حالة هوس مرضي.
ويصف علم النفس هذه الحالة بأنها تبدأ أعراضها الأولى منذ الصغر عند ملاحظة إصابة المريض بحالة من البهجة والسرور عند مشاهدته أي كتاب من أي نوع. وتستفحل حالة الفرح والسرور بعد تحولها من مجرد الاكتفاء برؤية الكتاب إلى الرغبة الشديدة في اقتنائه ومطالعته.
وتتميز المرحلة المتقدمة من مرض «هوس الكتب» برغبة المريض في تجميع أكبر عدد من الكتب التي ستصبح فيما بعد أغلى عليه من الناس، لدرجة أنه سيقوم بإنقاذ كتبه قبل أي شخص آخر في حال شب حريق ما، ويعيش «مهووس الكتب» أقصى حالات السعادة والسرور عند حضوره معارض الكتب، أو رؤيتها، أو حتى سماع إقامة معرض كتاب في مكان ما.
ولابد أن يرتدي مهووس الكتب نظارات طبية ويصاب بصداع مزمن، لأنه لا ينفك يقرأ ولا يفكر في ترك الكتاب الجيد في الوقت المناسب مهما حدث.
ولا يملك «مهووس الكتب» حساباً في المصرف لأنه لا يتوقف عن شراء أي كتاب جديد، حتى ولو كان كتاباً بلغة لا يعرفها، وسيظل يشتري من دون حساب، مقنعاً نفسه بحاجته لكل كتاب وبأنه سيبيع الفائض منها عند الحاجة، رغم أنه في الحقيقة لا يتنازل عن أي كتاب يملكه لأي سبب، ولا يقبل حتى إعارته لأي كان.
والطريف في الأمر أن «مهووس الكتب» قد لا يتذكر تواريخ المناسبات المهمة في حياته، مثل تاريخ زواجه، أو تاريخ ولادة ابنه، أو حتى عيد ميلاد زوجته، أو أية مناسبة أخرى ذات أهمية، ولكنه سيتذكر تاريخ وظروف شراء أي كتاب يملكه، لأنه أهم من كل م اسبق بالنسبة إليه.
ولا ينسى علم النفس التفريق بين المريض «البيبليوماني» وبين الشخص الآخر السوي الذي يضطر للقراءة واقتناء الكتب بغرض الدراسة وسيقطع علاقته بها عند إنهائه مرحلة الدراسة، وقد يسارع للتخلص منها من دون أي إحساس بالندم عليها بمجرد انتفاء حاجته إليها، أما «البيبليوماني» فعلاقته مع الكتب تبدأ بالشغف ولا تنقطع إلاّ بانتهاء آخر لحظة من لحظات عمره.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18080

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>